تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤١ - الصفحة ٥٧
بالخل، وجلل ذلك بشباك من حبال القنب لترد حدة المنجنيق، وكل واحد يعلو سور عكا بثلاث طبقات. وزحفوا بهما إلى السور، وفي كل طبقة مقاتلة، فيئس المسلمون بعكا، فقال دمشقي يقال له ابن النحاس: دعوني أضربها بالمجانيق. فسخروا منه، فطلب من قراقوش أن يمكنه من الآلات، ورمى البرج حتى خلخله، ثم رماه بقدر نفط، ثم صاح: الله أكبر، فعلا الدخان، فضج المسلمون، وبرزوا من عكا وعملت النار في أرجائه، والفرنج ترمي أنفسها من الطبقات، واشتعلوا، فأحرق المسلمون الستائر والعدد، وانكسرت صولتهم.
ثم اجتمعت هممهم نوبة، وعملوا كبشا هائلة، رأسه قناطر من الحديد ليبعجوا به السور فينهدم، فلما سحبوه وقرب من السور ساخ في الرمل لثقله، وعجزوا عن تخليصه.
وكان المسلمون في عكا في مرض وجوع قد ملوا من القتال، ما يحملهم سوى الإيمان بالله تعالى. وقد هدمت الفرنج برجا وبدنه، ثم سد ذلك المسلمون في الليل ووثقوه.
وكان السلطان يكون أول راكب وآخر نازل.
قلت: ولعله وجبت له الجنة برباطه هذين العامين.
ذكر العماد الكاتب أنه حزر ما قتل من الفرنج في مدة الحرب على عكا، فكان أكثر من مائة ألف.
ومن كتاب إلى بغداد: وقد بلي الإسلام منهم بقوم استطابوا الموت،
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»