تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤١ - الصفحة ٦٠
طريق دعائنا، فنحن أولى أن نلوم أنفسنا، والله قدر لا سلام لنا في دفعه إلا لا حول ولا قوة إلا بالله. وقد أشرفنا على أهوال قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب. وقد جمع لنا العدو، وقيل لنا: اخشوه فنقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.
وليس إلا الاستغاثة بالله، فما دأبنا في الشدائد إلا على طروق بابه، وعلى التضرع له فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم نعوذ بالله من القسوة، ومن القنوط من الرحمة.
وما شرد الكرى، وطول على الأفكار السرى، إلا ضائقة القوت بعكا. وهذه الغمرات هي نعمة الله عليه، وهي درجات الرضوان، فاشكر الله كما تشكره على الفتوحات.
وأعلم أن مثوبة الصبر فوق مثوبة الشكر. ومن ربط جأش عمر رضي الله عنه قال: لو كان الصبر والشكر بعيرين ما باليت أيهما ركبت. وبهذه العزائم سبقونا فلا تطمع بالغبار، وامتدت خطاهم، ونعوذ بالله من العثار. ومن... أن ترق بك ماضية جبل فلا تعجز، وإن نزل بك ما ليس فيه حيلة فلا تجزع.
ولما اشتد الأمر بعكا وطال أرسل السلطان كتابا إلى شمس الدين بن منقذ يأمره بالمسير إلى صاحب المغرب يعقوب بن يوسف بن يوسف بن عبد المؤمن يستنصر به، ليقطع عنه مادتهم من جهة البحر. وأمر منقذ أن يستقريء في الطريق والبلاد ما يحيي به الملك يعقوب وكيف عاداتهم. وأن يقص عليه: من أول وصولنا إلى مصر، وما أزلنا بها من الإلحاد، ة وما فتحنا من) بلاد الفرنج وغيرها وتفصيل ذلك كله، وأمر عكا، وأنه لا يمضي يوم إلا عن قوة تتجدد وميزة في البحر تصل، وأن ثغرنا حصروه، ونحن حصرناهم، فما
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»