تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٠ - الصفحة ٨٠
جدي القاضي أبو المفضل يحيى بن علي: اجلس إلى سارية من هذه السواري حتى نجلس إليك. فلما عزمت على الجلوس اتفق أنه مرض ولم يقدر بعد ذلك خروج إلى المسجد. وكان أبي رحمه الله قد سمع بنسا لم يحصل منها نسخا اعتمادا على نسخ رفيقه الحافظ أبي علي بن الوزير.
وكان ما حصله أبي لا يحصله ابن الوزير، فسمعته يقول: رحلت وما كأني رحلت. كنت) أحسب أن ابن الوزير يقدم بالكتب مثل الصحيحين، وكتب البيهقي والأجزاء، فاتفق سكناه بمرو، وكنت أؤمل وصول رفيق آخر يوسف بن فارو الجياني، ووصول رفيقنا المرادي، وما أرى أحدا منهم قدم، فلا بد من الرحلة ثالثا وتحصيل الكتب والمهمات. فلم يمض أيام يسيرة حتى قدم أبو الحسن المرادي، فأنزله أبي عندنا، فقدم بأربعة أسفاط كتب مسموعة، ففرح أبي بذلك، وكفاه الله مؤونة السفر. وأقبل على النسخ والاستنساخ، وقابل، وبقي من مسموعاته نحو ثلاثمائة جزء، فأعانه عليها ابن السمعاني، ونقل إليه منها جملة حتى لم يبق عليه أكثر من عشرين جزءا. وكان كلما حصل له جزء منها كأنه قد حصل على ملك الدنيا.
قلت: وله شعر جيد يملي منه عقيب مجالسه، فمنه:
* أيا نفس ويحك جاء المشيب * فماذا التصأبي وماذا الغزل * * تولى شبأبي كأن لم يكن * وجاء مشيبي كأن لم يزل * * فيا ليت شعري ممن أكون * وما قدر الله لي من الأزل *
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»