فلما مات أبوه بسط يده بالمال وخالط الدولة.
قال ابن النجار: ورث نعمة طائلة، وخالط الكبراء وأرباب المناصب، وبذل معروفه، وتوصل حتى صار له اختصاص بالإمام المستضيء قبل أن يلي الخلافة. فلما استخلف قربه وولاه مشارفة المخزن، ثم ولاه نظر المخزن والوكالة المطلقة، وارتفع أمره. فلما قتل الوزير أبو الفرج ابن رئيس الرؤساء رد المستضيء جميع أمور دواوينه إليه، ونابه في الوزارة. وكان كل الدولة يحضرون إليه. وكان يولي ويعزل. وكان شهما مقداما، له هيبة عظيمة، وشدة وطأة، ولم يزل على ذلك حتى مات المستضيء، فأقره الناصر على نظر المخزن فقط، ثم خلاه أياما وقبض عليه وسجنه أياما، ومات.
وبلغني أن مولده سنة أربع وثلاثين وخمسمائة.
وأنبأنا ابن الجوزي قال: منصور بن العطار كان مقداما على القطع والصلب، ولما مات حمل إلى بيت أخته، فأخرج بعد الصبح، فعلم به الناس فضربوا التأبوت بالآجر، ثم رمي فطرح التأبوت في النار، وخرق الكفن، وأخذ القطن، فأخرج عريانا، وشد في رجله حبل، وسحب إلى المدبغة. ورموه فيها. ثم سحب إلى قراح أبي الشحم، والصبيان يصيحون بين يديه: يا مولانا وقع لنا. إلى أن جاء جماعة من الأتراك فاستخلصوه منهم، ولفوه في شقة، ومضوا به فألقوه في قبر والده.
توفي في ذي القعدة وأراح الله منه، إلا أنه كان نقمة وعذابا على الشيعة.