وبعد هذا فالذي فعله مولانا تقي الدين من التقاء الجمع الكثير بالعدد القليل عين الخطأ، لأنه ما المغرور بمحمود وإن سلم. فالله الله لا يكون لها مثنوية، ولا يرجع المولى يلتقي ألفا وستمائة فارس إلا أن يكون في ثلاثين ألفا، بشرط أن يكون العدو مثل حمزة الزامر، وعثمان الجنكي، وأبي علي العواد، وحميدة المخنث، وأمثال هؤلاء الفرسان، ويكون جندك مثل فلان وفلان الذين ما اجتمع المملوك بواحد منهم إلا تجشأ في وجهي سيوف وسكاكين، ويزعم أنه يقرقش الحديد. والرأي عندي غير هذا كله. وهو أن تستقيل من الخدمة، وتنقطع في بستان القأبون، وتنكث التوبة، وتجمع علوق دمشق، وقحاب الموصل، وقوادين حلب، ومغاني العراق، وتقطع بقية العمر على القصف، وتتكل على عفو العفو الرحيم. فيوم من أيامك في دمياط مكفر لهذا كله. فإن قبلت مني فأنت صحيح المزاج، وإن أبيت ولعنت كل ما جاء من وهران، فأنت منحرف محتاج إلى العلاج.
وله، جواب كتاب إلى الكندي: فأما تعريضه لخادمه بالقيادة، وعتبه علي بالتزويج من النساء العواهر، فسيدي معذور، لأنه لم يذق حلاوة هذه الصفعة، ولو أنه أدام الله عزه خرج يوما من البيت، ولم يترك إلا الخبز والجبن، ورجع بعد ساعة، وجد السنبوسك المورد، والدجاج المسمن، والفاكهة المنوعة، والخضرة النضرة، فتربع في الصدر، فأكل وشرب وطرب، ولم يخرج في هذا كله إلا التغافل وحسن الظن، وقلة الفضول لسأل الله أن يحييه قوادا، وأن يميته قوادا، وأن يحشره مع القوادين.) ويظن الخادم أنه في هذا القول كجالب التمر إلى هجر، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ومهما جهل من فضل نكاح الملاح النهمات،