تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٩ - الصفحة ١٠٠
القادر لأجل المجلس، فمضيت ليلة وصعدت على سطوح المدرسة، وكان الحر شديدا، فاشتهيت الرطب وقلت: يا إلهي وسديد، ولو أنها خمس رطبات.
وقال: كان للشيخ باب صغير في السطح، ففتح الباب وخرج، وبيده خمس رطبات، وصاح: يا مظفر، وما يعرفني، تعال خذ ما طلبت.
قال: ومن هذا شيء كثير.
قال: وكان ابن يونس وزير الإمام الناصر قد قصد أولاد الشيخ عبد القادر، وبدد شملهم، وفعل في حقهم كل قبيح، ونفاهم إلى واسط، فبدد الله شمل ابن يونس ومزقه، ومات أقبح موتة.) قلت: كان الشيخ رضي الله عنه عديم النظير، بعيد الصيت، رأسا في العلم والعمل. جمع الشيخ نور الدين الشطنوفي المقرئ كتابا حافلا في سيرته وأخباره في ثلاث مجلدات، أتى فيه بالبردة وأذن الجرة، وبالصحيح والواهي والمكذوب، فإنه كتب فيه حكايات عن قوم لا صدق لهم، كما حكوا أن الشيخ مشى في الهواء من منبره ثلاث عشرة خطوة في المجلس، ومنها أن الشيخ وعظ، فلم يتحرك أحد فقال: أنتم لا تتحركون ولا تطربون، يا قناديل اطربي.
قال: فتحركت القناديل، ورقصت الأطباق.
وفي الجملة فكراماته متواترة، ولم يخلف بعده مثله.
توفي في عاشر ربيع الآخر سنة إحدى وستين وله تسعون سنة، وشيعة خلق لا يحصون.
قال الجبائي: كان الشيخ عبد القادر يقول: الخلق حجابك عن نفسك، ونفسك حجابك عن ربك. عبد العزيز بن علي بن محمد بن سلمة.
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»