قال ابن السمعاني: أبو محمد عبد القادر فخر أهل جيلان، إمام الحنابلة وشيخهم في عصره، فقيه صالح دين، كثير الذكر دائم الفكر سريع الدمعة، تفقه على المخرمي، وصحب الشيخ حماد الدباس.
قال: وكان يسكن باب الأزج في المدرسة التي بنوا له. مضيت يوما لأودع رفيقا لي، فلما انصرفنا قال لي بعض من كان معي: ترغب في زيادة عبد القادر والتبرك به فمضينا ودخلت مدرسته، وكانت بكرة، فخرج وقعد بين أصحابه، وختموا القرآن، فلما فرغنا أردت أن أقوم، فأجلسني وقال: حتى نفرغ من الدرس. ألقى درسا على أصحابه، ما فهمت منه شيئا. وأعجب من هذا أن أصحابه قاموا وأعادوا ما درس لهم، فلعلهم فهموا لإلفهم بكلامه وعبارته.
وقال أبو الفرج بن الجوزي: وكان أبو سعد المخرمي قد بنى مدرسة لطيفة بباب ألازج، ففوضت إلى عبد القادر، فتكلم على الناس بلسان الوعظ، وظهر له صيت بالزهد. وكان له سمت وصمت، وضاقت المدرسة بالناس.
وكان يجلس عند سور بغداد، مستندا إلى الرباط، ويتوب عنده في المجلس خلق كثير، فعمرت المدرسة ووسعت. وتعصب في ذلك العوام.
وأقام بها يدرس ويعظ إلى أن توفي.
قلت: لم تسع مرارة ابن الجوزي بأن يترجمه بأكثر من هذا، لما في قلبه له من البغض، نعوذ) بالله من الهوى.