عبد الهادي بن محمد بن عبد الله بن عمر بن مأمون.
أبو عروية السجستاني، الزاهد، شيخ الصوفية وإمام سجستان.
يحول من الماضية إلى هنا، فإن فيها ورخه الحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي، وقال: كان للمذهب ركتنا وثيقا، ولأهل الحديث حصنا منيعا. وكان صلب الدين، خلف جده وخاله في الرد على المبتدعين. وكانت أوراده تستغرق ليله ونهاره. ومناقبه لا تنتهي حتى ينتهي عنها.
وقد سمع منه الحافظ عبد القادر الرهاوي فأكثر عنه وقال: سمع الحديث من جده عبد الله سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وحج. سمع المسند من أبي الحصين، وبلغني أنه لما حج قرأ عليه ابن ناصر مسلسلات أبى حاتم بن حبان، وكان زاهدا، ورعا متواضعا، كثير النوافل، سريع) الدمعة، حسن الأخلاق، عاش تسعا وثمانين سنة ما عرفت له زلة. وكان منتشر الذكر في البلاد القاصية بحسن السيرة، وكان له رباط ينزل من ذلك شيئا، بل يجلعله في نفقة الرباط، ويتعيش بغليلة له يسيرة، ومات وعليه دين هذا مع سعة جاهه بسجستان، حتى عند بعض مخالفيه.
بلغنا موته وأنا بهراة بعد مفارقتي له بقليل، فأغلقت أسوار هراة، ومنع الوعاظ من الوعظ، وجلس واعظ وذكر مناقبه، وبكى الناس عليه.
كنت يوما عنده، فجعل إنسان يحدثنا بدخل بغداد، فتعجبت وقال سبحان الله، إنسان يعيش حتى يشيخ، ولا يرى في يد أحد عشرة دنانير.