تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٧ - الصفحة ٤٠٨
قلت: وقرأت بخط الحافظ الضياء: أجاز لأبي الفضل بن ناصر: أبو نصر ابن ماكولا، وأبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليك في سنة ثمان وستين وأربعمائة، ومحمد بن عبيد الله الصرام، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، وفاطمة بنت أبي علي الدقاق، والفضل بن عبد الله بن المحب، وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، وأحمد بن علي بن خلف الشيرازي.
قلت: ولعله تفرد بالإجازة عن بعض هؤلاء.
وقال ابن النجار: كان ثقة، ثبتا، حسن الطريقة، متدينا، فقيرا، متعففا، نظيفا، نزها. وقف كتبه، وخلف ثيابه وثلاثة دنانير. وكانت ثيابه. خلقا مغسولة. ولم يعقب. وسمعت مشايخنا ابن الجوزي، وابن سكينة، وابن الأخضر يكثرون الثناء عليه، ويصفونه بالحفظ، والإتقان، والديانة، والمحافظة على السنن، والنوافل.
وسمعت جماعة من شيوخي يذكرون أن ابن ناصر، وأبو منصور ابن الجواليقي كانا يقرآن الأدب على أبي زكريا التبريزي، ويسمعان الحديث، فكان الناس يقولون: تخرج ابن ناصر لغوي بغداد، وابن الجواليقي محدثها، فانعكس الأمر.
قلت: قد كان ابن ناصر مبرزا في اللغة أيضا.
وقال ابن النجار: قرأت بخط ابن ناصر، وأخبرنيه يحيى بن الحسين عنه سماعا من لفظه قال: بقيت سنين لا أدخل مسجد الشيخ أبي منصور، يعني الخياط المقرئ، واشتغلت بالأدب على أبي زكريا التبريزي، فجئت في بعض الأيام لأقرأ على أبي منصور الحديث، فقال: يا بني، تركت قراءة القرآن، واشتغلت بغيره، عد إلينا لتقرأ علي، ويكون لك إسناد، ففعلت وعدت إلى المسجد، وذلك في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. وكنت أقرأ عليه، وأسمع منه الحديث. وكنت أقول في أكثر وقتي: اللهم بين لي أي المذاهب خير. وكنت مرارا قد مضيت لأقرأ على القيرواني المتكلم كتاب التمهيد للباقلاني، وكأن
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»