وتعسفه في بعض الأوقات.
ثم تقول: فإذا قال قائل إن هذا وقوع في الناس دل على أنه ليس بمحدث، ولا يعرف الجرح من الغيبة، فالرجل قال قوله، وما تعرض لا إلى جرح ولا غيبة حتى تلزمه شيئا ما قاله. وقد علم الصالحون بالحديث أنه أعلم منك بالحديث، والطرق، والرجال، والتاريخ، وما أنت وهو بسواء.
وأين من أضنى عمره في الرحلة والفن خاصة وسمع من أربعة آلاف شيخ، ودخل الشام، والحجاز، والعراق، والجبال، وخراسان، وما وراء النهر، وسمع في أكثر من مائة مدينة، وصنف التصانيف الكثيرة، إلى من لم يسمع إلا ببغداد، ولا روى إلا عن بضعة وثمانين نفسا فأنت لا ينبغي أن يطلق عليك اسم الحفظ باعتبار اصطلاحنا، بل باعتبار أنك ذو قوة حافظة، وعلم واسع، وفنون كثيرة، واطلاع عظيم. فغفر الله لنا ولك.
ثم تنسبه إلى التعصب على الحنابلة، والى سوء القصد، وهذا والله ما ظهر لي من أبي سعد، بل، والله، عقيدته في السنة أحسن من عقيدتك، فإنك يوما أشعري، ويوما حنبلي، وتصانفك تنبئ بذلك. فما رأينا الحنابلة راضين بعقيدتك ولا الشافعية، وقد رأيناك أخرجت عدة أحاديث في الموضوعات، ثم في مواضع أخر تحتج بها وتحسنها. فخلنا مساكتتة.
قال أبو سعد، وذكر ابن ناصر: كان يسكن درب الشاكرية، حافظ، دين، ثقة، متقن، ثبت، لغوي، عارف بالمتون والأسانيد، كثير الصلاة والتلاوة، غير أنه يحب أن يقع في الناس. كان يطالع هذا الكتاب، ويخشى عليه ما يقع له من مثالبهم، والله يغفر له. وهو صحيح القراءة) والنقل. وأول سماعه من أبي الصقر، وذلك في سنة ثلاث وسبعين.
وقال أبو عبد الله بن النجار: كانت لابن ناصر إجازات قديمة من جماعة، كأبي الحسين بن النقور، وابن هزارمرد الصريفيني، والأمير ابن ماكولا الحافظ، وغيرهم. أخذها له ابن ماكولا في رحلته إلى البلاد.