بعد مدة، وتوفي بكرة يوم الأضحى، وصلى عليه أخوه أبو المرضي، واجتمع في جنازته جمع لم نر مثلهم كثرة، رحمه الله.) قلت: وقد أفرد أبو موسى له ترجمة في جزء كبير مبوب، فافتتحه بتعظيم والده أبي جعفر محمد بن الفضل، ووصفه بالصلاح، والزهد، والأمانة، والورع.
ثم روى عن أبي زكريا يحيى بن مندة أنه قال: أبو جعفر عفيف، دين، لم نر مثله في الديانة والأمانة في وقتنا، قرأ القرآن على أبي المظفر بن شبيب، وسمع من سعيد العيار، ومات في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة.
قال أبو موسى: ووالدته من أولاد طلحة رضي الله عنه، وهي بنت محمد بن مصعب.
فقال أبو القاسم في بعض أماليه عقيب حديث رواه عن شيخ له، عن أبي بكر محمد بن علي بن إبراهيم بن مصعب: كان أبو بكر عم والدي، وهو من أوائل أهل إصبهان، له أوقاف كثيرة في البلد.
قال أبو موسى: قال أبو القاسم إسماعيل: سمعت من عائشة الوركانية وأنا ابن أربع سنين.
وقد سمع إسماعيل أيضا من أبي القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليك القادم إصبهان في سنة إحدى وستين، ولا أعلم أحدا عاب عليه قولا ولا فعلا، ولا عانده أحد في شيء إلا وقد نصره الله.
وكان نزه النفس عن المطامع، لا يدخل على السلاطين، ولا على المتصلين بهم.
قد خلى دارا من ملكه لأهل العلم، مع خفة يده، ولو أعطاه الرجل الدنيا بأسرها لم يرتفع ذلك عنده، ويكون هو وغيره ممن لم يعطه شيئا سواء.
يشهد بجميع ذلك الموافقون والمخالفون.
بلغ عدد أماليه هذا القدر، وكان يحضر مجلس إملائه المسندون، والأئمة، والحفاظ.
ما رأيناه قد استخرج إملاءه كما يفعله المملون، بل كان يأخذ معه آجر، فيملي منها على البديهة.
أخبرنا أبو زكريا يحيى بن مندة الحافظ إذنا في كتاب الطبقات: