تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٥ - الصفحة ٢٩١
المعلى، وبين يديه رجل على رأسه قفص زجاج، وهو مضطرب المشي، يظهر منه عدم المعرفة بالحمل، فما زلت أترقب سقوطه.
قال: فسقط، فتكسر الزجاج، فبهت الرجل، ثم أخذ عند الإفاقة من البكاء يقول: هذا والله جميع بضاعتي، والله لقد أصابني بمكة مصيبة عظيمة توفي على هذه، ما دخل على قلبي مثل هذه.
واجتمع حوله جماعة يرثون لهن ويبكون عليه، وقالوا: ما الذي أصابك بمكة قال: دخلت قبة زمزم، وتجردت للاغتسال، وكان في يدي دملج ثمانون مثقلا، فخلعته) واغتسلت، وأنسيته، وخرجت.
فقال رجل من الجماعة: خذه، له معي سنين. فدهش الناس من إسراع جبر مصيبته.
4 (منازلة ابن تاشفين قرطبة)) وفيها نازل الملك علي بن يوسف بن تاشفين البربري مدينة قرطبة وحاصرها، وأذل الناس، فذللوا له، وبذلوا له أموالا عظيمة، حتى ترحل عنهم. وكانوا قد خرجوا عليه لكونه بعث على نيابه قرطبة قائدا ظالما، فأراد عبد من عبيده أن يكره امرأة ويضطهدها علانية، فضربه الناس، فآل الأمر إلى قتال، حتى تسوروا على القائد وأخرجوه، بعد أن كادوا يقتلوه. وجرت فتنة عظيمة. وكان البربر في هذه السنين غالبين على الأندلس، وفيهم قلة دين.
وقبل سفر ابن تاشفين وقف له بجامع مراكش محمد بن تومرت الفقيه، وكلمه بكلام فج، فقال: أيها الأمير، وإنك حلت بين بصرك وبين الحق، فظلمت التقليد، وقلدت قوما أكلوا الدينا بالآخرة، وأنا أناظرهم بين يديك، وأصقل نرآتك، حتى تأمر بالاحتياط عليه. وأحضر به جماعة من أهل الأصول والفروع.
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»