أبو تميم الملقب بأمير المؤمنين المستنصر بالله بن الظاهر بالله بن الحاكم بأمر الله بن العزيز بن المعز العبيدي، صاحب مصر والمغرب.
بويع بعد موت أبيه الظاهر في شعبان، وبقي في الخلافة ستين سنة وأربعة أشهر. وهو الذي خطب له بإمرة المؤمنين على منابر العراق، في نوبة الأمير أبي الحارث أرسلان البساسيري، في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
ولا أعلم أحدا في الإسلام لا خليفة ولا سلطانا طالت مدته مثل المستنصر هذا.
ولي الأمر وهو ابن سبع سنين ولما كان في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة قطع الخطبة له من المغرب الأمير المعز بن باديس، وقيل: بل قطعها في سنة خمس وثلاثين، وخطب لبني العباس، وخرج عن طاعة بني عبيد الباطنية.
وحدث في أيام هذا المتخلف بمصر الغلاء الذي ما عهد مثله منذ زمان يوسف صلى الله عليه وسلم، ودام سبع سنين، حتى أكل الناس بعضهم بعضا، حتى قيل: إنه بيع رغيف واحد بخمسين دينارا. فإنا لله وإنا إليه راجعون. وحتى أن المستنصر هذا بقي يركب وحده وخواصه ليس لهم دواب يركبونها. وإذا مشوا سقطوا من الجوع. وآل الأمر إلى استعارة المستنصر بغلة يركبها حامل الخبز من ابن هبة صاحب ديوان الإنشاء.
وآخر شيء توجهت أم المستنصر وبناته إلى بغداد خوفا من أن يمتن جوعا. وكان ذلك في سنة ستين وأربعمائة. ولم يزل هذا الغلاء حتى تحرك الأمير بدر الجمالي والد الأفضل أمير الجيوش من عكاء، وركب في البحر حسبما ذكر في ترجمة الأفضل شاهنشاه، وجاء إلى مصر وتولى تدبير الأمور،