تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٢ - الصفحة ١٥٧
الجرجاني القاضي بالبصرة قال: كان أبو إسحاق لا يملك شيئا من الدنيا، فبلغ به الفقر حتى كان لا يجد قوتا ولا ملبسا. ولقد كنا نأتيه وهو ساكن في القطيعة، فيقوم لنا نصف قومة، كي لا يظهر منه شيء من العري. وكنت أمشي معه، فتعلق بنا باقلاني وقال: يا شيخ، أفقرتني وكسرتني، وأكلت رأس مالي، إدفع إلي ما لي عندك.
فقلنا: وكم لك عنده قال: أظنه قال: حبتان من ذهب أو حبتان ونصف.
وقال أبو بكر محمد بن أحمد ابن الخاضبة: سمعت بعض أصحاب الشيخ أبي إسحاق يقول: رأيت الشيخ كان يركع ركعتين عند فراغ كل فصل من المهذب.
قال: قرأت بخط أبي الفتوح يوسف بن محمد بن مقلد الدمشقي: سمعت الوزير ابن هبيرة: سمعت أبا الحسن محمد بن القاضي أبي يعلى يقول: جاء رجل من ميافارقين إلى والدي ليتفقه عليه، فقال: أنت شافعي، وأهل بلدك شافعية، فكيف تشتغل بمذهب أحمد قال: قد أحببته لأجلك.
فقال: يا ولدي ما هو مصلحة. تبقى وحدك في بلدك ما لك من تذاكره، ولا تذكر له درسا، وتقع بينكم خصومات، وأنت وحيد لا يطيب عيشك.
فقال: إنما أحببته وطلبته لما ظهر من دينك وعلمك.
قال: أنا أدلك على من هو خير مني، الشيخ أبو إسحاق.
فقال: يا سيدي، إني لا أعرفه.
فقال: أنا امضي معك إليه.)
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»