تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣١ - الصفحة ٨٢
إلا من أسلم. وبلغت الأخبار إلى الفقيه بما فعل عبد الله بن ياسين فعظم ذلك عليه وندم وكتب إليه ينكر عليه كثرة القتل والسبي فأجابه: أما إنكارك علي ما فعلت وندامتك على إرسالي فإنك أرسلتني إلى أمة كانوا جاهلية يخرج أحدهم ابنه وابنته لرعي السوام فتأتي البنت حاملا من أخيها فلا ينكرون ذلك وما دأبهم إلا إغارة بعضهم على بعض ويقتل بعضهم بعضا. ففعلت وفعلت وما تجاوزت حكم الله والسلام.
وفي سنة خمسين وأربعمائة قحطت بلادهم وماتت مواشيهم فأمر عبد الله بن ياسين ضعفاءهم بالخروج إلى السوس وأخذ الزكاة فخرج منهم نحو سبعمائة رجل فقدموا سجلماسة وسألوا أهلها الزكاة وقالوا: نحن قوم مرابطون خرجنا إليكم نطلب حق الله من أموالكم. فجمعوا لهم مالا ورجعوا به.
ثم إن الصحراء ضاقت بهم وأرادوا إظهار كلمة الحق وأن يسيروا إلى الأندلس للجهاد فخرجوا إلى السوس الأقصى فاجتمع لهم أهل السوس وقاتلوهم وهزموهم وقتل عبد الله بن ياسين.
وهرب أبو بكر بن عمر إلى الصحراء فجمع جيشا وطلب بلاد السوس في ألفي راكب فاجتمعت لحربه من قبائل بلاد السوس وزناتة اثنا عشر ألف فارس فأرسل إليهم رسلا وقال: افتحوا لنا الطريق فما قصدنا إلا غزو المشركين. فأبوا عليه واستعدوا للحرب فنزل أبو بكر وصلى الظهر على درقته وقال: اللهم إن كنا على الحق فانصرنا عليهم وإن كنا على باطل فأرحنا بالموت.
ثم ركب والتقوا فهزمهم؛ واستباح أبو بكر أسلابهم وأموالهم وعددهم وقويت نفسه. ثم تمادى إلى سجلماسة فنزل عليها وطلب من أهلها الزكاة فقالوا لهم: إنما أتيتمونا في عدد قليل فوسعكم ذلك وضعفاؤنا كثير وما هذه حال من يطلب الزكاة بالسلاح والخيل وإنما أنتم محتالون. ولو أعطيناكم أموالنا ما عمتكم.
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»