تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٠ - الصفحة ٤١٢
وخالف أرسطوطاليس واضعه مخالفة من لم يفهم غرضه، ولا أرتاض. ومال أولا إلى النظر على رأي الشافعي، وناضل عن مذهبه حتى وسم به، فاستهدف بذلك لكثير من الفقهاء، وعيب بالشذوذ، ثم عدل إلى قول أصحاب الظاهر، فنقحه، وجادل عنه، وثبت عليه إلى أن مات.
وكان يحمل علمه هذا، ويجادل من خالفه على استرسال في طباعه، وبذل لأسراره، واستناد إلى العهد الذي أخذه الله تعالى على العلماء لتبيننه للناس ولا تكتمونه. فلم يك يلطف صدعه بما عنده بتعريض ولا بتدريج، بل يصك به معارضة صك الجندل، وينشقه انشاق الخردل، فتنفر عنه القلوب، وتوقع به الندوب، حتى استهدف إلى فقهاء وقته، فتمالؤوا عليه، وأجمعوا على قتله، وشنعوا عليه، وحذروا سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامهم عن الدنو منه، فطفق الملوك يقصونه عن قربهم، ويسيرونه عن بلادهم، إلى أن انتهوا به منقطع أثره بلده من بادية لبلة، وهو في ذلك غفير مرتدع ولا راجع، يبث علمه فيمن ينتابه من بادية بلده، من عامة المقتبسين، فهم من أصاغر الطلبة الذين لا يخشون فيه الملامة، يحدثهم، ويفقههم، ويدارسهم.
كمل من مصنفاته وقر بعير، لم يعد أكثرها عتبة باديته لزهد الفقهاء
(٤١٢)
مفاتيح البحث: القتل (1)، الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»