تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٠ - الصفحة ٤٠٧
اجتمع له مع الذكاء، وسرعة الحفظ، وكرم النفس والتدين. وكان له في الآداب والشعر نفس واسع، وباع طويل. وما رأيت من يقول الشعر على البديه أسرع منه. وشعره كثير جمعته على حروف المعجم.
وقال أبو القاسم صاعد: كان أبوه أبو عمر من وزراء المنصور محمد بن أبي عامر، مدبر دولة المؤيد بالله بن المستنصر، ثم وزر للمظفر بن المنصور. ووزر أبو محمد للمستظهر بالله عبد الرحمن بن هشام، ثم نبذ هذه الطريقة، وأقبل على العلوم الشرعية، وعني بعلم المنطق، وبرع فيه، ثم أعرض عنه وأقبل على علوم الإسلام حتى نال من ذلك ما لم ينله أحد بالأندلس قبله.
وقد حط أبو بكر بن العربي في كتاب القواصم والعواصم على الظاهرية فقال: هي أمة سخيفة، تسورت على مرتبة ليست لها، وتكلمت بكلام لم تفهمه تلقفوه من إخوانهم الخوارج حين حكم علي يوم صفين فقال: لا حكم إلا لله. وكانت أول بدعة لقيت في رحلتي القول بالباطن، فلما عدت وجدت القول بالظاهر قد ملأ به المغرب سخيف كان من بادية إشبيلية يعرف بابن حزم، نشأ وتعلق بمذهب الشافعي، ثم انتسب إلى داود، ثم خلع الكل، واستقل بنفسه وزعم أنه إمام الأمة، يضع ويرفع، ويحكم ويشرع، ينسب إلى دين الله ما ليس فيه، ويقول عن العلماء ما لم يقولوا تنفيرا للقلوب عنهم. وخرج عن طريق المشبهة في ذات الله وصفاته، فجاء فيه بطوام، واتفق كونه بين قوم لا بصر لهم إلا بالمسائل، فإذا طالبهم بالدليل كاعوا، فتضاحك) مع أصحابه منهم. وعضدته الرئاسة بما كان عنده من أدب، وبشبه كان يوردها على الملوك،
(٤٠٧)
مفاتيح البحث: الخوارج (1)، الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 ... » »»