تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٥ - الصفحة ١٨٢
أبو نصر التركي الفارابي الحكيم.
صاحب الفلسفة. كان بارعا في الكلام والنطق والموسيقى، وله تصانيف مشهورة، من ابتغى منها أضله الله. وبكتبه تخرج أبو علي بن سينا. قدم أبو نصر بغداد، فأتقن بها اللغة، وأدرك) بها متى بن يونس الفيلسوف المنطقي، فأخذ عنه. وسار إلى حران فلزم يوحنا بن جيلان النصراني فأخذ عنه، وسار إلى دمشق، وإلى مصر، ثم رجع إلى دمشق. وكان مفرطا في الذكاء. وقيل إنه دخل بدمشق على سيف الدولة بن حمدان وهو بزي الترك وكان هذا زيه دائما. وكان يعرف فيما زعموا، سبعين لسانا. وكان أبوه قائد جيش فيما بلغنا فقعد في الصدر وأخذ يتكلم مع علماء المجلس في كل فن، ولم يزل كلامه يعلو وكلامهم يسفل حتى صمت الكل. ثم إنه خلا به، فإذا به أبرع من يوجد لعب العود. فأخرج عودا من خريطة، وركبه ولعب به، فضحك كل من في المجلس طربا. ثم غير تركيبه وحركه فنام كل من في المجلس، حتى البواب، فتركهم وراح. ويقال: إن القانون هو أول من اخترعه. وكان منفردا لا يعاشر أحدا. وكان يقعد بدمشق في المواضع النزهة، ويصنف ويشغل. وقلما بيض من تصانيفه. وسألوه: من أعلم أنت أو أرسطو فقال: لو أدركته لكنت أكبر تلاميذه. وقد ذكر أبو العباس أحمد بن أبي أصيبعة في ترجمة أبي نصر: له شعرا جيدا، وأدعية مليحة على اصطلاح الفلاسفة وعباراتهم. وسرد أسماء مصنفاته،
(١٨٢)
مفاتيح البحث: مدينة بغداد (1)، دمشق (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»