تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٤ - الصفحة ٢٤٣
وقال محمد بن عبد الملك الهمداني في تاريخه إن أبا علي بن مقلة حين شرع في بناء داره، التي من جملتها البستان المعروف بالزاهر، على دجلة، جمع ستين منجما حتى اختاروا له وقتا لبنائه. فكتب إليه شاعر:
* قل لابن مقلة مهلا لا تكن عجلا * واصبر فإنك في أضغاث أحلام * * تبني بأنقاض دور الناس مجتهدا * دارا ستهدم أيضا بعد أيام * * ما زلت تختار سعد المشتري لها * فلم توق به من نحس بهرام * * إن القرآن وبطليموس ما اجتمعا * في حال نقض ولا في حال إبرام * قال: فأحرقت هذه الدار بعد ستة أشهر، فلم يبق فيها جدار.
وعن الحسن بن علي بن مقلة قال: كان أمر أخي قد استقام مع الراضي وابن رائق، وأمرا برد ضياعه. وكان الكوفي يكتب لابن رائق، وكان خادم أبي علي قديما. وكان ابن مقاتل مستوليا على أمر ابن رائق، وأبو علي يراه بصورته الأولى، وكانا يكرهان أن ترد ضياع أبي علي ويدافعان. وكان الكوفي يريد من أبي علي أن يخضع له، وأبو علي يتحامق. فكنا نشير إليه بالمداراة وهو يقول: والله لا فعلت، ومن هذا الكلب وضعني الزمان هكذا بمرة فاتفق أنهما أتياه يوما، فما قام لهما ولا احترمهما، وشرع يخاطبهما بإذلال زائد. ثم أخذ يتهدد ويتوعد كأنه في وزارته. فكان ذلك سببا في قطع يده وسجنه.
وقال محمد بن جني صاحب أبي علي قال: كنت معه في الليلة التي عزم فيها على الاجتماع بالراضي بالله وعنده أنه يريد أن يستوزره. قال: فلبس ثيابه وجاءوه بعمامة، وقد كانوا اختاروا له طالعا ليمضي فيه إلى الدار، فلما تعمم استطولها خوفا من فوات وقت اختيار المنجمين له فقطعها بيده وغرزها، فتطيرت من ذلك عليه.
ثم انحدرنا إلى ذلك الحاجب ليلا، فصعدت إليه، واستأذنت له، فقال:
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»