تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٢٣٦
وقال: هذا رجل أهل خراسان، والري، وجميع البلدان التي يجتازها، يميلون إليه، وهم كالعبيد له، ومتى سلمته إليك وشخصت به آمن أن تخرج إليكم العساكر من عند طاهر بن محمد بن عمرو، فيسلبونه منكم، ويقعون بكم. ولولا أن الله أظفرني به بلا حرب لطال أن أظفر به. ومن كنت عنده مع قوة سلطانه والله يا أبا محمد لقد كتب إلي من غير تكنن يقول: يا ابن أحمد، والله لو أردت أن أعمل جسرا على نهر بلخ من دنانير لا من خشب لفعلت وصرت إليك حتى أقبض عليك. فكتبت إليه: الله بيني وبينك. وأنا رجل ثغري مصاف للترك، لباسي الكردواني والغليظ، ولا مال لي. ورجالي إنما هو جيش بغير رزق، وقد بغيت علي، والله بيني وبينك.
فلم يزل عبد الله يناظره، ويسأله تسليم عمرو إليه، فقال: إني أحببت أن يحمل رأسه إلى سيدي أمير المؤمنين. فطال الخطاب إلى أن أذعن بحمله معه. فوافى رجال إسحاق بعمرو بن الليث، وسلم إلى عبد الله مقيدا وعليه دراعه خز مبطنة بثعلب. ووكل به تكين التركي، وأمر أن يعادله على الحمارة في قبة، ومعه سكين طويلة وقال: متى خرج إليكم أحد يحاربكم فاذبحه في الحال. وبعث معه نحو خمسمائة نفس. وكان عمرو يدعو الله على إسماعيل ويقول: غدر بي، خذله الله. ولم يزل صائما إلى أن وافى كتاب الوزير عبيد بن سليمان إلى عبد الله بن الفتح يأمره بترفيهه وبسط أمله وإكرامه، فأكل ثلاثة أيام، وعاود الصوم. وجرت له أمور حتى أنه اشترى له فانيذ بثلاثة دراهم، فعرف أبو حامد أحمد بن سهل وكبله بذلك ليشتري له، فبكى وجعل يتعجب من الدنيا وقال: يا أبا الحسن، عهدي به إذا سار إلى بلده يحمل فرشه ومطبخه على ستمائة جمل، وهو اليوم يطلب بدراهم فانيذا. ورأيت سراويل عمرو وقد نزلنا سجستان على حائط الخان، وقد غسله غلامه، والريح تلعب به، والناس يتعجبون من ذلك.) وكان إذا سار معنا يخرج رأسه من العمارية، ويقول لمن يمر به بالفارسية: يا سادتي، أدعو الله لي بالفرج. فكان الناس وأصحاب عبد الله بن الفتح يدعون له. وكان يتصدق بسائر ما يترتب له من الترك.
وأما تكين عديلة، فإنه أكل جملا تاما، فمات فجأة، واستراح عمرو منه. وأركب معه شخص ظريف كان معنا، فكان عمرو يدعو على إسماعيل ويقول: خذله الله، انتقم الله منه كما أسلمني.
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»