تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٩ - الصفحة ٢٦١
سهمه الهدف إلا مرتين، فكان يصيب الهدف في كل ذلك. وكان لا يسبق.
وسمعته يقول: ما أكلت كراتا قط ولا القنابرى.
قلت: ولم ذاك قال: كرهت أن أؤذي من معي من نتنها.
قلت: فكذلك البصل النيء قال: نعم.
وسمعته يقول: ما أردت أن أتكلم بكلام فيه ذكر الدنيا إلا بدأت بحمد الله والثناء عليه.
وقال له بعض أصحابه: يقولون أنك تناولت فلانا.
قال: سبحان الله، ما ذكرت أحدا بسوء، إلا أن أقول ساهيا قال: وكان لأبي عبد الله غريم قطع عليه مالا كثيرا. فبلغه أنه قدم آمل ونحن بفربر، فقلنا له: ينبغي أن تعبر وتأخذه بمالك.
فقال: ليس لنا أن نردعه.
ثم بلغ غريمه فخرج إلى خوارزم، فقلنا: ينبغي أن تقول لأبي سلمة الكسائي عامل آمل ليكتب إلى خوارزم في أخذه.
فقال: إن أخذت منهم كتابا طمعوا في كتاب، ولست أبيع ديني بدنياي. فجهدنا، فلم يأخذ حتى كلمنا السلطان عن غير أمره، فكتب إلى والي خوارزم. فلما بلغ أبا عبد الله ذلك وجد وجدا شديدا، وقال: لا تكونوا أشفق علي من نفسي. وكتب كتابا وأردف تلك الكتب بكتب. وكتب إلى بعض أصحابه بخوارزم أن لا يتعرض لغريمه، وقصدنا ناحية مرو، فاجتمع التجار، وأخبر السلطان، فأراد التشديد على الغريم، فكره ذلك أبو عبد الله فصالح غريمه على أن يعطيه كل سنة عشرة دراهم شيئا يسيرا. وكان المال خمسة وعشرين ألفا. ولم يصل من ذلك إلى درهم، ولا إلى أكثر منه.
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»