تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٩ - الصفحة ٢٤٦
وقال إمام الأئمة ابن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري.
وقال ابن عدي: سمعت عدة مشايخ يحكمون أن البخاري قدم بغداد فاجتمع أصحاب الحديث، وعمدوا إلى مائة حديث فقبلوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد هذا، وإسناد هذا لمتن هذا، ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحاديث ليلقوها على البخاري في المجلس. فاجتمع الناس، وانتدب أحدهم فقال، وسأله عن حديث من تلك العشرة، فقال: لا أعرفه. فسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه. حتى فرغ العشرة. فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل فهم. ومن كان لا يدري قضى عليه بالعجز.
ثم انتدب آخر ففعل كفعل الأول، والبخاري يقول لا أعرفه. إلى أن فرغ العشرة أنفس، وهو لا يزيدهم على: لا أعرفه.
فلما علم أنهم قد فرغوا، التفت إلى الأول فقال: أما حديثك الأول فإسناده كذا وكذا، والثاني كذا وكذا، والثالث... إلى آخر العشرة. فرد كل متن إلى إسناده، وفعل بالثاني مثل ذلك إلى أن فرغ، فأقر له الناس بالحفظ.
وقال يوسف بن موسى المروروزي: كنت بجامع البصرة إذ سمعت مناديا ينادي: يا أهل العلم، لقد قدم محمد بن إسماعيل البخاري.
فقاموا في طلبه، وكنت فيهم، فرأيت رجلا شابا يصلي خلف الأصطوانة، فلما فرغ أحدقوا به، وسألوه أن يعقد لهم مجلس الإملاء، فأجابهم.
فلما كان من الغد اجتمع كذا كذا ألف، فجلس للإملاء وقال: يا أهل البصرة أنا شاب، وقد سألتموني أن أحدثكم وسأحدثكم بأحاديث عن أهل بلدكم تستفيدون الكل: ثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد بلديكم،
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»