تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ٣٤٣
أبو نعيم صار كتابه إماما.
إذا اختلف الناس في شيء فزعوا إليه.
وقال أبو زرعة الدمشقي: سمعت يحيى بن معين يقول: ما رأيت أثبت من رجلين: أبو نعيم، وعفان.
وسمعت أحمد بن صالح يقول: ما رأيت محدثا أصدق من أبي نعيم.
وقال يعقوب الفسوي: أجمع أصحابنا أن أبا نعيم كان غاية في الإتقان.
وقال أبو حاتم: كان حافظا متقنا، لم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثوري.) وكان أبو نعيم يحفظ حديث الثوري حفظا جيدا، وهو ثلاثة آلاف وخمسمائة حديث، ويحفظ حديث مسعر وهو خمسمائة حديث. وكان لا يلقن.
وقال الرمادي: خرجت مع أحمد وابن معين إلى عبد الرزاق خادما لهما إلى الكوفة. قال يحيى: أريد أن أختبر أبا نعيم.
فقال أحمد: لا تريد، الرجل ثقة.
فقال يحيى: لا بد لي.
فاخذ ورقة فكتب فيها ثلاثين حديثا، وجعل على رأس كل عشرة منها حديثا ليس من حديثه. ثم جاءوا إلى أبي نعيم، فخرج وجلس على دكان طين، وأخذ أحمد فأجلسه على يمينه، وأخذ يحيى فأجلسه على يساره. ثم جلست أسفل الدكان. ثم أخرج يحيى الطبق، فقرأ عليه عشرة أحاديث، فلما قرأ الحادي عشر قال أبو نعيم: ليس هذا من حديثي، فاضرب عليه. ثم قرأ العشر الثاني، وأبو نعيم ساكت، فقرأ الحديث الثاني، فقال أبو نعيم: ليس هذا من حديثي، فاضرب عليه. ثم قرأ العشر، الثالث، وقرأ الحديث الثالث، فتغير أبو نعيم وانقلبت عيناه، ثم أقبل على يحيى، فقال: أما هذا، وذراع أحمد بيده، فاؤرع من أن يعمل مثل هذا.
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»