قال الفراء: ناظرت الكسائي يوما وزدت، فكأني كنت طائرا يشرب من بحر.
وعن الفراء قال: إنما تعلم الكسائي النحو على كبر، لأنه جاء إلى قوم وقد أعيا، فقال: قد عييت. فقالوا له: تجالسنا وأنت تلحن قال: وكيف قالوا: إن أردت من التعب فقل أعييت، وإن انقطعت الحيلة في الأمر فقل عييت.
فأنف من هذا وقام وسأل عمن يعلم النحو، فأرشد إلى معاذ الهراء، فلزمه حتى أنفد ما عنده، ثم خرج إلى الخليل.
قلت: وقد كان للكسائي عند الرشيد منزلة رفيعة، وسار معه إلى الري، فمرض ومات بقرية رنبويه، فلما اعتل تمثل وقال.
* قدر أحلك ذا النخيل وقد رأى * وأبي، ومالك ذو النخيل بدار * * ألا كداركم بذي بقر الحمى * هيهات ذو بقر من المزوار * ومات ومعه محمد بن الحسن الفقيه، فقال الرشيد لما رجع إلى العراق: دفنت الفقه والنحو برنبويه.
وقال نصير بن يوسف: دخلت على الكسائي في مرض موته فأنشأ يقول: قدر أحلك.
وذكر البيتين، فقلت: كلا، ويمتع الله الجميع بك.