تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٤١٩
آلاف دينار معي، قالت: إني قد دفنته وسأخرجه. وخرج ربيعة إلى المسجد فجلس في حلقته وأتاه مالك والحسن بن زيد وابن أبي علي اللهبي والأشراف فأحدقوا به فقالت امرأة فروخ: أخرج إلى المسجد فصل فيه، فنظر إلى حلقة وافرة فأتى فوقف ففرجوا له قليلا ونكس ربيعة يوهم أنه لم يره، وعليه طويلة فشك فيه أبو عبد الرحمن فقال: من هذا قالوا: هذا ربيعة. فرجع وقال لوالدته: لقد رأيت ولدك في حالة ما رأيت أحدا منأهل العلم والفقه عليها، قالت: فأيما أحب إليك ثلاثون ألف دينار أو هذا الذي هو فيه من الجاه قال: لا والله إلا هذا، قالت: فإنس قد أنفقت المال كله عليه، قال: فوالله ما ضيعتيه.
قلت: حكاية معجبة لكنها مكذوبة لوجوه: منها أن ربيعة لم يكن له حلقة وهو ابن سبع وعشرين سنة بل كان ذلك الوقت شيوخ المدينة مثل القاسم وسالم وسليمان بن يسار وغيرهم من الفقهاء السبعة.
الثاني: أنه لما كان ابن سبع وعشرين سنة كان مالك فطيما أو لم يوبد بعد.
والثالث: أن الطويلة لم تكن خرجت للناس وإنما أخرجها المنصور فما أظن ربيعة لبسها وإن كان قد لبسها فيكون في آخر عمره وهو ابن سبعين سنة لا شابا.
الرابع: كان يكفيه في السبع والعشرين سنة ألف دينار أو أكثر، ث قد قال ابن وهب: حدثني عبد الرحمن بن زيد قال: مكث ربيعة دهرا طويلا يصلي الليل والنهار ثم نزع عن ذلك إلى أ، جالس العلماء فجالس القاسم فنطق بلب وعقل فكان القاسم إذا سئل عن شيء قال: سلوا هذا لربيعة وصار ربيعة إلى فقه وفضل وعفاف وما كان بالمدينة رجل أسخى منه.
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»