تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٣٥٦
إلى مولاه، وقال المنصور لرسوله إلى أبي مسلم وهو أبو حميد المروروذي: كلمه باللين ما يمكن ومنه وعرفه بحسن نيتي وتلطف، فإن يئست منه فقل له. قال والله لو خضت البحر لخاضه وراءك، ولو اقتحمت النار لاقتحمتها حتى أقتلك. فقدم الرسول على أبي مسلم ولحقه بحلوان. فاستشار أبو مسلم خاصته فقالوا: إحذره، فلما طلب الرسول الجواب قال: إرجع إلى صاحبك فلست آتيه وقد عزمت على خلافه، قال: لا تفعل، لا تفعل، فلما آيسه بلغه قول المنصور فوجم لها وأطرق منكرا ثم قال: قم وانكسر لذلك القول وارتاع.
وكان المنصور قد كتب إلى نائب أبي مسلم على خراسان فالتماله وقال له امرة خراسان، فكتب نائب خراسان أبو داود خالد بن إبراهيم إلى أبي مسلم يقول: إنا لم نقم لمعصية خلفاء اله وأهل البيت فلا تخالفن إمامك فوافاه كتابه على تلك الحال فزاده رعبا وهما، ثم أرسل من يثق به من أمرائه إلى المنصور فلما قدم تلقاه بنو هاشم بكل ما يسر، واحترمه المنصور وقال: إصرفه عن وجهه ولك إمرة خراسان، فرجع وقال لأبي مسلم: طيب قلبك لم أرمكروها إني رأيتهم معظمين لحقك فارجع واعتذر فأجمع على الرجوع فقال له أبو إسحاق أحد قواده متمثلا.
* ما للرجال من القضاء محالة * ذهب القضاء بحيلة الأقوام * وروى بعضهم أن المنصور كتب إلى موسى بن كعب بولاية خراسان وكتب إلى أبي مسلم: هذا ابن كعب من دونك بمن معه من شعيتنا وأنا موجه للقائل أقارنك فاجمع كيدك غير موفق وحسب أمير المؤمنين الله ونعم الوكيل. فشاور أبو مسلم أبا إسحاق المروزي وقال: ما الرأي، فهذا موسى بن كعب
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»