تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ١٠١
شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وقد كنا قد وليناك شيئا من أمر المسلمين، فلا أدري ما صنعت، أوفيت بعهدنا، أم خنتنا، فإذا أتاك كتابي هذا إن شاء الله تعالى فاحمل إلينا ما قبلك من فيء المسلمين، ثم أقبل، والسلام عليك.
قال: فأقبل عمير ماشيا من حمص، وبيده عكازه، وإداوة، وقصعة، وجراب، شاحبا، كثير الشعر، فلما قدم على عمر قال له: يا عمير، ما هذا الذي أرى من سوء حالك، أكانت البلاد بلاد سوء، أم هذه منك خديعة. قال عمير: يا عمر بن الخطاب ألم ينهك الله عن التجسس وسوء الظن ألست تراني ظاهر الدم، صحيح البدن ومعي الدنيا بقرابها قال عمر: ما معك من الدنيا قال: مزودي أجعل فيه طعامي، وقصعة آكل فيها، ومعي عكازتي هذه أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوا إن لقيته، وأقتل بها حية إن لقيتها. فما بقي من الدنيا قال: صدقت، فأخبرني ما حال من خلفت من المسلمين قال: يصلون ويوحدون، وقد نهى الله أن نسأل عما وراء ذلك.
قال: ما صنع أهل العهد قال عمير: أخذنا منهم الجزية عن يد وهم صاغرون. قال: فما صنعت بما أخذت منهم قال: وما أنت وذاك يا عمر أرسلتني أمينا، فنظرت لنفسي، وأيم الله لولا أني أكره أن أغمك لم أحدثك يا أمير المؤمنين، قدمت بلاد الشام، فدعوت المسلمين، وأمرتهم بما حق لهم علي فيما افترض الله تعالى عليهم، ودعوت أهل العهد، فجعلت عليهم من يجيبهم، فأخذناه منهم، ثم رددناه على فقرائهم ومجهوديهم، ولم ينلك من ذلك شيء، فلو نالك بلغناك إياه. قال عمر: سبحان الله، ما كان فيهم رجل يتبرع عليك بخير ويحملك على دابة، جئت تمشي، بئس المعاهدون فارقت، وبئس المسلمون، أما والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: لتوطأن حرمهم وليجارن عليهم
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»