تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ١١٩
المغيرة: كنا قوما متمسكين بديننا، ونحن سدنة اللات، فأراني لو رأيت قومنا قد أسلموا ما تبعتهم، فأجمع نفر من بني مالك الوفود على المقوقس، وإهداء هدايا له، فأجمعت الخروج معهم، فاستشرت عمي عروة بن مسعود، فنهاني وقال: ليس معك من بني أبيك أحد، فأبيت وخرجت معهم، وما معهم من) الأحلاف غيري، حتى دخلنا الإسكندرية، فإذا المقوقس في مجلس مطل على البحر، فركبت زورقا حتى حاذيت مجلسه، فنظر إلي فأنكرني، وأمر من يسألني، فأخبرته بأمرنا وقدومنا، فأمر أن ننزل في الكنيسة، وأجرى علينا ضيافة، ثم أدخلنا عليه، فنظر إلى رأس بني مالك، فأدناه وأجلسه معه، ثم سأله عن القوم: أكلهم من بني مالك قال: نعم، إلا هذا، قال: فكنت أهون القوم عليه، وسر بهداياهم، وأعطاهم الجوائز، وأعطاني شيئا يسيرا، وخرجنا، فأقبلت بنو مالك يشترون هدايا لأهلهم وهم مسرورون، ولم يعرض علي رجل منهم مواساة، وخرجوا وحملوا معهم الخمر، فكانوا يشربون وأشرب معهم وتأبى نفسي أن تدعني ينصرفون إلى الطائف بما أصابوا، ويخبرون قومي بكرامتهم على الملك، وتقصيره بي وازدرائه إياي، فأجمعت على قتلهم، فتمارضت وعصبت رأسي، فوضعوا شرابهم، فقلت: رأسي يصدع، ولكني أجلس وأسقيكم، فجعلت أصرف لهم، يعني لا أمزج، وأنزع الكأس، فيشربون ولا يدرون، حتى ناموا سكرا، ما يعقلون، فوثبت وقتلتهم جميعا، وأخذت ما معهم، فقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم، فأجده جالسا في المسجد، وعلي ثياب سفري، فسلمت بسلام الإسلام، فعرفني أبو بكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي هداك للإسلام، فقال أبو بكر: أمن مصر أقبلتم قلت: نعم، قال: فما فعل المالكيون قلت: قتلتهم وجئت بأسلابهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخمسها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إسلامك فنقبله، وأما أموالهم فلا آخذ منها شيئا، هذا
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»