فلما نزل سعد بن أبي وقاص بهرسير وهي المدينة التي فيها منزل كسرى طلب السفن ليعبر بالناس إلى المدينة القصوى، فلم يقدر على شيء منها، وجدهم قد ضموا السفن، فبقي أياما حتى أتاه أعلاج فدلوه على مخاضة، فأبى، ثم إنه عزم له أن يقتحم دجلة، فاقتحمها المسلمون وهي زائدة ترمي بالزبد، ففجئ أهل فارس أمر لم يكن لهم في حساب، فقاتلوا ساعة ثم انهزموا وتركوا جمهور أموالهم، واستولى المسلمون على ذلك كله، ثم أتوا إلى القصر الأبيض، وبه قوم قد تحصنوا ثم صالحوا.
وقيل إن الفرس لما رأوا اقتحام المسلمين الماء تحيروا وقالوا: والله ما نقاتل الإنس ولا نقاتل الجن، فانهزموا.
ونزل سعد القصر الأبيض، واتخذ الإيوان مصلى، وإن فيه لتماثيل جص فما حركها.
ولما انتهى إلى مكان كسرى أخذ يقرأ كم تركوا من جنات وعيون وزروع الآية.)