الرسول، فكره عباس الرجوع، وقال: أترهب يا رسول الله أن يرجع أبو سفيان راغبا في قلة الناس فيكفر بعد إسلامه فقال: احبسه فحبسه. فقال أبو سفيان: غدرا يا بني هاشم فقال عباس: إنا لسنا نغدر، ولكن بي إليك بعض الحاجة. فقال: وما هي، فأقضيها لك قال: إنما نفاذها حين يقدم عليك خالد بن الوليد والزبير بن العوام. فوقف عباس بالمضيق دون الأراك، وقد وعى منه أبو سفيان حديثه.
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل بعضها على أثر بعض، وقسم الخيل شطرين، فبعث الزبير في خيل عظيمة. فلما مروا بأبي سفيان قال للعباس: من هذا قال: الزبير. وردفه خالد بن الوليد بالجيش من أسلم وغفار وقضاعة، فقال أبو سفيان: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا يا عباس قال: لا، ولكن هذا خالد بن الوليد. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة بين يديه في كتيبة الأنصار، فقال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة. ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة الإيمان من المهاجرين والأنصار.
فلما رأى أبو سفيان وجوها كثيرة لا يعرفها قال: يا رسول الله، اخترت هذه الوجوه على قومك قال: أنت فعلت ذلك وقومك. إن هؤلاء صدقوني إذ كذبتموني، ونصروني إذ أخرتموني، ومع النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ الأقرع بن حابس، وعباس بن مرادس السلمي، وعيينة بن بدر، فلما أبصرهم حول النبي صلى الله عليه وسلم قال: من هؤلاء يا عباس قال: هذه كتيبة النبي صلى الله عليه وسلم، ومع هذه الموت الأحمر، هؤلاء المهاجرون والأنصار. قال: امض يا عباس، فلم أر كاليوم جنودا قط ولا جماعة، وسار الزبير بالناس حتى إذا وقف بالحجون، واندفع خالد حتى دخل من أسفل مكة. فلقيته بنو بكر فقاتلهم