الله صلى الله عليه وسلم استنفر المسلمين لموعد أبي سفيان بدرا. وكان صلى الله عليه وسلم أهلا للصدق والوفاء، فاحتمل الشيطان أولياء من الناس، فمشوا في الناس يخوفونهم وقالوا: أخبرنا أن قد جمعوا لكم مثل الليل من الناس، يرجون أن يوافقوكم فينتهوا بكم، فالحذر لا تغدوا. فعصم الله المسلمين من تخويف الشيطان فاستجابوا لله ولرسوله وخرجوا ببضائع لهم، وقالوا: إن لقينا أبا سفيان فهو الذي خرجنا له، وإن لم نلقه ابتعنا ببضائعنا. وكان بدر متجرا يوافي كل عام. فانطلقوا حتى أتوا موسم بدر، فقضوا منه حاجتهم، وأخلف أبو سفيان الموعد، فلم يخرج هو ولا أصحابه.
وأقبل رجل من بني ضمرة، بينه وبين المسلمين حلف فقال: والله إن كنا قد أخبرنا أنه لم يبق منكم أحد، فما أعملكم إلى أهل هذا الموسم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يبلغ ذلك عدوه من قريش: إعمالنا إليه موعد أبي سفيان وأصحابه وقتالهم، وإن شئت مع ذلك نبذنا إليك والى قومك حلفهم ثم جالدناكم. فقال الضمري: معاذ الله.)::::
قال: وذكروا أن ابن الحمام قدم على قريش فقال: هذا محمد وأصحابه ينتظرونكم لموعدكم.
فقال أبو سفيان: قد والله صدق. فنفروا وجمعوا الأموال، فمن نشط منهم قوره، ولم يقبل من أحد منهم دون أوقية. ثم سار حتى أقام بمجنة من عسفان ما شاء الله أن يقيم، ثم ائتمر هو وأصحابه فقال أبو سفيان: ما يصلحكم إلا خصب ترعون فيه السمر