قال: فذكر أنس سبعين من الأنصار كانوا إذا جنهم الليل أووا إلى معلم بالمدينة فيبيتون يدرسون، فإذا أصبحوا فمن كانت عنده قوة أصاب من الحطب واستعذب من الماء، ومن كانت عنده سعة أصابوا الشاة فأصلحوها. فكان معلقا بحجر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما أصيب خبيب، بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان فيهم خالي حرام. فأتوا على حي من بني سليم، فقال حرام لأميرهم: دعني، فلا خير في هؤلاء. إنا ليس إياهم نريد فيخلون وجوهنا. فأتاهم فقال ذلك، فاستقبله رجل منهم برمح فأنفذه به. قال: فلما وجد حرام مس الرمح قال: الله أكبر فزت ورب الكعبة. قال: فانطووا عليهم فما بقي منهم مخبر. قال: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلى الغداة رفع يديه يدعو عليهم: فلما كان بعد ذلك، إذا أبو طلحة يقول: هل لك في قاتل حرام قلت: ما له، فعل الله به وفعل. فقال: لا تفعل، فقد أسلم.
وقال أبو أسامة: ثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان عامر بن فهيرة غلاما لعبد الله بن الطفيل بن سخبرة، أخي عائشة لأمها وكانت لأبي بكر منحة، فكان يغدو بها ويروح، ويصبح فيدلج إليهما ثم يسرح فلا يفطن به أحد من الرعاء. ثم خرج معهما يعقبانه حتى قدم المدينة معهما. فقتل عامر بن فهيرة يوم بئر معونة، وأسر عمرو بن أمية. فقال له عامر بن الطفيل: من هذا وأشار إلى قتيل. قال: هذا عامر ابن فهيرة. فقال: لقد رأيته بعد ما قتل رفع إلى السماء حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض. وذكر الحديث. أخرجه البخاري.