أمور الدين والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأقام الحدود حتى في أهله وعشيرته الأقربين كما أقامها في سائر الناس أجمعين فاستقامت الأحوال في أيامه وعظمت الفتوحات ولما مات أبوه كان معه في الصحبة فباشر تدبير المملكة من هناك وأول ما رتب قواعد بلاد الأندلس فأصلح شأنها وقرر المقاتلين في مراكزها ومهد مصالحها في مدة شهرين وأمر بقراءة البسملة في أول الفاتحة في الصلوات وأرسل بذلك إلى سائر بلاد الإسلام التي في مملكته فأجاب قوم وامتنع آخرون ثم عاد إلى مراكش التي هي كرسي ملكهم فخرج عليه علي بن إسحاق بن محمد بن علي بن غانية الملثم من جزيرة ميورقة في شعبان سنة ثمانين وملك بجاية وما حولها فجهز إليه الأمير يعقوب عشرين ألف فارس وأسطولا في البحر ثم خرج بنفسه في أول سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة فاستعاد ما أخذ من البلاد ثم عاد إلى مراكش وفي سنة ست وثمانين بلغه أن الفرنج ملكوا مدينة شلب وهي في غرب جزيرة الأندلس فتجهز إليها بنفسه وحاصرها وأخذها وأنفذ في الوقت جيشا من الموحدين ومعه جماعة من العرب ففتحوا أربع مدن من بلاد الفرنج كانوا قد أخذوها من المسلمين قبل ذلك بأربعين سنة وخافه صاحب طليطلة وسأله الصلح فصالحه خمس سنين وعاد إلى مراكش فلما انقضت مدة الهدنة ولم يبق منها سوى القليل خرجت طائفة من الفرنج في جيش كثيف إلى بلاد المسلمين فنهبوا وسبوا وعاثوا عيثا فظيعا فانتهى الخبر إلى الأمير يعقوب وهو بمراكش فتجهز لقصدهم في جحفل عرمرم من قبائل الموحدين والعرب واحتفل وجاز إلى الأندلس وذلك في سنة
(٤)