إن الشيخ أبا محمد عبد الواحد يطلب أهله فسكت الأمير يعقوب ومضى على ذلك أيام ثم إن الشيخ عبد الواحد اجتمع بالقاضي المذكور في قصر الأمير يعقوب بمراكش وقال له أنت قاضي المسلمين وقد طلبت أهلي فما جاءوني فاجتمع القاضي بالأمير يعقوب وقال له يا أمير المؤمنين الشيخ عبد الواحد قد طلب أهله مرة وهذه الثانية فسكت الأمير يعقوب ثم بعد ذلك بمدة لقي الشيخ عبد الواحد القاضي بالقصر المذكور وقد جاء إلى خدمة الأمير يعقوب فقال له يا قاضي المسلمين قد قلت لك مرتين وهذه الثالثة أنا أطلب أهلي وقد منعوني عنهم فاجتمع القاضي بالأمير يعقوب وقال له يا مولانا إن الشيخ عبد الواحد قد تكرر طلبه لأهله فإما أن تسير إليه أهله وإلا فاعزلني عن القضاء فسكت الأمير يعقوب وقيل إنه قال له يا أبا عبد الله ما هذا إلا جد كبير ثم استدعى خادما وقال له في السر تحمل أهل الشيخ عبد الواحد إليه فحملت إليه في ذلك النهار ولم يتغير على القاضي ولا قال له شيئا يكرهه وتبع في ذلك حكم الشرع المطهر وانقاد لأوامره وهذه حسنة تعد له وللقاضي أيضا فإنه بالغ في إقامة منار العدل وكان الأمير أبو يوسف يعقوب المذكور يشدد في إلزام الرعية بإقامة الصلوات الخمس وقتل في بعض الأحيان على شرب الخمر وقتل العمال الذين تشكو الرعايا منهم وأمر برفض فروع الفقه وأن العلماء لا يفتون إلا بالكتاب العزيز والسنة النبوية ولا يقلدون أحدا من الأئمة المجتهدين المتقدمين بل تكون أحكامهم بما يؤدي إليه اجتهادهم من استنباطهم القضايا من الكتاب والحديث والإجماع والقياس ولقد أدركنا جماعة من مشايخ المغرب وصلوا إلينا إلى البلاد وهم على ذلك الطريق مثل أبي الخطاب ابن دحية وأخيه أبي عمر ومحيي الدين ابن العربي نزيل دمشق وغيرهم
(١١)