ثم إن ابن تاشفين ومن معه قصدوا الزلاقة فلما وافاها المسلمون نزلوا تجاه الفرنج بها فاختار المعتمد بن عباد أن يكون هو المصادم لهم أولا وأن يكون يوسف بن تاشفين إذا انهزم المعتمد بعسكره بين أيديهم وتبعوه يميل عليهم بعساكره وتتألف معه عساكر الأندلس فلما عزموا على ذلك وفعلوه خذل الفرنج وخالطتهم عساكر المسلمين واستحر القتل فيهم فلم يفلت منهم غير الأذفونش في دون الثلاثين من أصحابه فلحق ببلده على أسوأ حال فغنم المسلمون من أسلحته وخيله وأثاثه ما ملأ أيديهم خيرا قلت وكانت الوقعة في يوم الجمعة الخامس عشر من رجب سنة تسع وسبعين وأربعمائة وقيل في شهر رمضان في العشر الأواخر من السنة والله أعلم وقال البياسي كان حلول العساكر الإسلامية بالجزيرة الخضراء في المحرم سنة تسع وسبعين وأربعمائة فحكي أن موضع المعترك على اتساعه ما كان فيه موضع قدم إلا على جسد أو دم وأقامت العساكر بالموضع أربعة أيام حتى جمعت الغنائم فلما حصلت عف عنها يوسف بن تاشفين وآثر بها ملوك الأندلس وعرفهم ان مقصوده إنما كان الغزو لا النهب فلما رأت ملوك الأندلس إيثار يوسف ابن تاشفين لهم بالمغانم استكرموه وأحبوه وشكروا له ثم إن يوسف بن تاشفين أزمع الرجوع إلى بلاده وكان عند قصده ملاقاة الأذفونش تحرى المسير بالعراء من غير أن يمر بمدينة أو رستاق حتى نزل الزلاقة تجاه الأذفونش وهناك اجتمع بعساكر الأندلس وذكر أبو الحجاج يوسف بن محمد البياسي في كتاب تذكير العاقل وتنبيه الغافل أن ابن تاشفين نزل على أقل من فرسخ من عسكر العدو في يوم الأربعاء وكان الموعد في المناجزة يوم السبت الأدنى فغدو الأذفونش ومكر فلما كان سحر يوم الجمعة منتصف رجب من العام أقبلت طلائع ابن عباد والروم في أثرها والناس على طمأنينة فبادر ابن عباد للركوب وانبث الخبر في العساكر فماجت بأهلها ووقع البهت ورجفت الأرض وصارت الناس
(١١٧)