وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٧ - الصفحة ١١٦
وأن الأذفونش خرج في بعض السنين يتخلل بلاد الأندلس في جمع كبير من الفرنج فخافه ملوك الأندلس على البلاد وأجفل أهل القرى والرساتيق من بين يديه ولجأوا إلى المعاقل فكتب المعتمد بن عباد إلى يوسف بن تاشفين يقول له إن كنت مؤثرا للجهاد فهذا أوانه فقد خرج الأذفونش إلى البلاد فأسرع في العبور إليه ونحن معاشر أهل الجزيرة بين يديك وكان يوسف بن تاشفين على أتم أهبة فشرع في عبور عساكره فلما أبصر ملوك الأندلس عبور أهل المغرب يطلبون الجهاد وكانوا قد وعدوا من أنفسهم بالمساعدة أعدوا أيضا للخروج فلما رأى الأذفونش اجتماع العزائم على مناجزته علم أنه عام نطاح فاستنفر الفرنجية للخروج فخرجوا في عدد لا يحصيه إلا الله تعالى ولم تزل الجموع تتألف وتتدارك إلى أن امتلأت جزيرة الأندلس خيلا ورجلا من الفريقين كل أناس قد التفوا على ملكهم فلما عبرت جيوش يوسف بن تاشفين عبر في آخرها وامر بعبور الجمال فعبر منها ما أغص الجزيرة وارتفع رغاؤها إلى عنان السماء ولم يكن أهل الجزيرة رأوا قط جملا ولا كانت خيلهم قد رأت صورها ولا سمعت أصواتها وكانت تذعر منها وتقلق وكان ليوسف بن تاشفين في عبورها رأي مصيب كان يحدق بها معسكره وكان يحضرها الحرب فكانت خيل الفرنج تحجم عنها فلما تكاملت العساكر بالجزيرة قصدت الأذفونش وكان نازلا بمكان أفيح من الأرض يسمى الزلاقة بالقرب من بطليوس قال البياسي بين المكانين أربعة فراسخ وقال أيضا إن يوسف بن تاشفين قدم بين يدي حربة كتابا على مقتضى السنة يعرض عليه الدخول في الإسلام أو الحرب أو الجزية ومن فصول كتابه وبلغنا يا أذفونش أنك دعوت في الاجتماع بك وتمنيت أن يكون لك فلك تعبر البحر عليها إلينا فقد أجزناه إليك وجمع الله في هذه العرصة بيننا وبينك وسترى عاقبة دعائك * (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) * غافر 50 فلما سمع الأذفونش ما كتب إليه جاش بحر غيظه وزاد في طغيانه وأقسم أنه لا يبرح من موضعه حتى يلقاه
(١١٦)
مفاتيح البحث: الضلال (1)، الحرب (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»