أنه لا يخرج من يدي ولكنه بين يديك فانسخه واحضر يوم الخميس فلما وصلت إليه عرف بي فحضر بحضوري قوم ثم انتشر ذلك فحضر الناس وقال ثعلب أيضا أجمع أصحابنا أنه لم يكن بعد ابن الأعرابي أعلم باللغة من ابن السكيت وكان المتوكل قد ألزمه تأديب ولده المعتز بالله فلما جلس عنده قال له بأي شيء يحب الأمير أن نبدأ يريد من العلوم فقال المعتز بالانصراف قال يعقوب فأقوم قال المعتز فأنا أخف نهوضا منك وقام فاستعجل فعثر بسراويله فسقط والتفت إلى يعقوب خجلا وقد احمر وجهه فأنشد يعقوب (يصاب الفتى من عثرة بلسانه * وليس يصاب المرء من عثرة الرجل) (فعثرته في القول تذهب رأسه * وعثرته بالرجل تبرأ في مهل) فلما كان من الغد دخل يعقوب على المتوكل فأخبره بما جرى فأمر له بخمسين ألف درهم وقال قد بلغني البيتان وكان يعقوب يقول أنا أعلم من أبي بالنحو وأبي أعلم مني بالشعر واللغة وقال الحسين بن عبد المجيب الموصلي سمعت ابن السكيت يقول في مجلس أبي بكر بن أبي شيبة (ومن الناس من يحبك حبا * ظاهر الحب ليس بالتقصير) (فإذا ما سألته عشر فلس * ألحق الحب باللطيف الخبير) وكان لابن السكيت شعر وهو مما تثق النفس به فمن ذلك قوله (إذا اشتملت على اليأس القلوب * وضاق لما به الصدر الرحيب) (وأوطنت المكاره واستقرت * وأرست في أماكنها الخطوب) (ولم تر لانكشاف الضر وجها * ولا أغنى بحيلته الأريب)
(٣٩٩)