كان أول وقعة بدر أو أحد فإنك لا تدري أيهما كان قبل الآخر فأمسك عنه وذكر في الكتاب المذكور أيضا عن علي بن الجعد أن القاضي أبا يوسف كتب يوما كتابا وعن يمينه إنسان يلاحظ ما يكتبه ففطن له أبو يوسف فلما فرغ من الكتابة التفت إليه وقال له هل وقفت على شيء من خطأ فقال لا والله ولا حرف واحد فقال له أبو يوسف جزيت خيرا حيث كفيتنا مؤونة قراءته ثم أنشد (كأنه من سوء تأديبه * أسلم في كتاب سوء الأدب) وقال حماد بن أبي حنيفة رأيت أبا حنيفة يوما وعن يمينه أبو يوسف وعن يساره زفر وهما يتجادلان في مسألة فلا يقول أبو يوسف قولا إلا أفسده زفر ولا يقول زفر قولا إلا أفسده أبو يوسف إلى وقت الظهر فلما أذن المؤذن رفع أبو حنيفة يده فضرب بها فخذ زفر وقال لا تطمع في رياسة ببلدة فيها أبو يوسف وقضى لأبي يوسف على زفر ولم يكن بعد أبي يوسف في أصحاب أبي حنيفة مثل زفر وقال طاهر بن أحمد الزبيدي كان يجلس إلى أبي يوسف رجل فيطيل الصمت فقال له أبو يوسف ألا تتكلم فقال بلى متى يفطر الصائم فقال إذا غابت الشمس فقال فإن لم تغب إلى نصف الليل فضحك أبو يوسف وقال أصبت في صمتك وأخطأت أنا في استدعاء نطقك ثم تمثل (عجبت لإزراء الغبي بنفسه * وصمت الذي قد كان بالقول أعلما) (وفي الصمت ستر للغبي وإنما * صحيفة لب المرء أن يتكلما) ومن كلام أبي يوسف صحبة من لا يخشى العار عار يوم القيامة وكان يقول رؤوس النعم ثلاثة فأولها نعمة الإسلام التي لا تتم نعمة إلا بها
(٣٨٣)