رأس ثلاث وستين سنة من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأخبرني أنه كان يمسك المصحف على مولاه عبد الله بن عياش وكان من أقرأ الناس وكنت أرى كل يوم ما يقرأ وأخذت عنه قراءته وأخبرني أنه أتي به إلى أم سلمة رضي الله عنها وهو صغير فمسحت على رأسه ودعت له بالبركة قال سليمان المذكور وسألته متى أقرأت القرآن فقال أقرأت أو قرأت فقلت لا بل أقرأت فقال هيهات قبل الحرة في زمان يزيد بن معاوية وكانت الحرة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث وخمسين سنة وقال نافع بن أبي نعيم لما غسل أبو جعفر يزيد بن القعقاع القارئ بعد وفاته نظروا ما بين نحره إلى فؤاده مثل ورقة المصحف فما شك أحد ممن حضره أنه نور القرآن وقال سليمان بن مسلم أخبرني أبو جعفر يزيد بن القعقاع حين كان نافع يمر به فيقول أترى هذا كان يأتيني وهو غلام له ذؤابة فيقرأ علي ثم كفرني وهو يضحك قال سليمان وقالت أم ولد أبي جعفر إن ذلك البياض الذي كان بين نحره وفؤاده صار غرة بين عينيه وقال سليمان رأيت أبا جعفر بعد موته في المنام وهو على الكعبة فقلت له أبا جعفر قال نعم اقرىء إخواني عني السلام وأخبرهم أن الله تعالى جعلني من الشهداء الأحياء المرزوقين واقرىء أبا حازم السلام وقل له يقول لك أبو جعفر الكيس الكيس فإن الله عز و جل وملائكته يتراءون مجلسك بالعشيات وقال مالك بن أنس رحمه الله تعالى كان أبو جعفر القارئ رجلا صالحا بفتي الناس بالمدينة وقال خليفة بن خياط مات أبو جعفر يزيد بن القعقاع سنة اثنتين وثلاثين ومائة بالمدينة وقال غيره مات سنة ثمان وعشرين ومائة وقال أبو علي الأهوازي في أول كتاب الإقناع في القراءات قال ابن جماز ولم يزل أبو جعفر إمام الناس في القراءة إلى أن توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة بالمدينة
(٢٧٥)