وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٦٥
وقتل من الطائفتين جماعة وقصد الباقون أذربيجان وانحاز الذين بخراسان إلى جبل قريب من خوارزم فجرد السلطان محمود جيشا وأرسله في طلبهم فتتبعوهم في تلك المفاوز مقدار سنتين ثم قصدهم محمود بنفسه ولم يزل في أثرهم حتى شردهم وشتتهم ثم توفي محمود عقيب ذلك في التاريخ الآتي ذكره في ترجمته إن شاء الله تعالى وقام بالأمر بعده ولده مسعود فاحتاج إلى الاستظهار بالجيوش فكتب إلى الطائفة التي بأذربيجان لتتوجه إليه فجاءه منهم ألف فارس فاستخدمهم ومضى بهم إلى خراسان فسألوه في أمر الباقين الذين شتتهم والده محمود فراسلهم وشرط عليهم لزوم الطاعة فأجابوه إلى ذلك وأمنهم وحضروا إليه ورتبهم على ما كان والده قد رتبهم أولا ثم دخل مسعود بلاد الهند لاضطراب أحوالها عليه فخلت لهم البلاد وعادوا إلى الفساد وبالجملة فإن الشرح في هذا يطول وجرى هذا كله والسلطان طغرلبك المذكور وأخوه داود ليسا معهم بل كانا في موضعهم من نواحي ما وراء النهر وجرت بينهما وبين ملكشاه صاحب بخارى وقعة عظيمة قتل فيها خلق كثير من أصحابهما ودعت حاجتهما إلى اللحاق بأصحابهما الذين بخراسان فكاتبوا مسعودا وسألوه الأمان والاستخدام فحبس الرسل وجرد جيوشا لمواقعة من بخراسان منهم فكانت مقتلة عظيمة ثم إنهم اعتذروا إلى مسعود وبذلوا له الطاعة وضمنوا له أخذ خوارزم من صاحبها فطيب قلوبهم وأفرج عن الرسل الواصلين من جهة ما وراء النهر وسألوه أن يفرج عن زعيمهم الذي اعتقله أبوه محمود في أول الأمر فأجابهم إلى سؤالهم وأنزله من تلك القلعة وحمل إلى بلخ مقيدا فاستأذن مسعودا في مراسلة ابني أخيه طغرلبك وداود المقدم ذكرهما فأذن له فراسلهما وحاصل الأمر أنهما وصلا إلى خرسان ومعهما أيضا جيش كبير فاجتمع الجميع وجرت لهم مع ولاة خراسان ونواب مسعود في البلاد أسباب يطول شرحها وخلاصة الأمر أنهم استظهروا عليهم وظفروا بهم وأول شيء ملكوه من البلاد طوس وقيل الري وكان تملكهم في سنة تسع وعشرين وأربعمائة ثم
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»