في النوم فقال له محمد فعجل لنا البشرى في أنفسنا وعرفنا أسعداء نحن أم أشقياء فقال له أما أنت فإنك المهدي القائم بأمر الله ومن تبعك سعد ومن خالفك هلك ثم قال اعرض أصحابك علي حتى أميز أهل الجنة من أهل النار وعمل في ذلك حيلة قتل بها من خالف أمر محمد وأبقى من أطاعه وشرح ذلك يطول وكان غرضه أن لا يبقى في الجبل مخالف لمحمد فلما قتل من قتل علم محمد أن في الباقين من له أهل وأقارب قتلوا وأنهم لا تطيب قلوبهم بذلك فجمعهم وبشرهم بانتقال ملك مراكش إليهم واغتنام أموالهم فسرهم ذلك وسلاهم عن أهلهم وبالجملة فإن تفصيل هذه الواقعة يطول شرحه ولسنا بصدد ذلك وخلاصة الأمر أن محمدا لم يزل حتى جهز جيشا عدد رجاله عشرة آلاف بين فارس وراجل وفيهم عبد المؤمن والونشريسي وأصحابه كلهم وأقام هو بالجبل فنزل القوم لحصار مراكش وأقاموا عليها شهرا ثم كسروا كسرة شنيعة وهرب من سلم من القتل وكان فيمن سلم عبد المؤمن وقتل الونشريسي وبلغ محمدا الخبر وهو بالجبل وحضرته الوفاة قبل عود أصحابه إليه فأوصى من حضر أن يبلغ الغائبين أن النصر لهم وأن العاقبة حميدة فلا يضجروا وليعاودوا القتال وان الله سبحانه وتعالى سيفتح على أيديهم والحرب سجال وإنكم ستقوون ويضعفون ويقلون وتكثرون وأنتم في مبدأ أمر وهم في آخره ومثل هذه الوصايا وأشباهها وهي وصية طويلة ثم إنه توفي إلى رحمة الله تعالى في سنة أربع وعشرين وخمسمائة ودفن في الجبل وقبره هناك مشهور يزار وهذه السنة تسمى عندهم عام البحيرة وكانت ولادته يوم عاشوراء سنة خمس وثمانين وأربعمائة وأول ظهوره ودعائه إلى هذا الأمر سنة أربع عشرة وخمسمائة وكان رجلا ربعة قضيفا أسمر عظيم الهامة حديد النظر وقال صاحب كتاب المغرب في أخبار أهل المغرب في حقه
(٥٣)