حوض الحمام وغلط فيه فشربه فمات من ساعته ولم ينكتم موته ساعة واحدة وترتب موضعه ولده الحاكم أبو علي المنصور المقدم ذكره وبلغ الخبر أهل القاهرة فخرج الناس غداة الأربعاء لتلقي الحاكم فدخل البلد وبين يديه البنود والرايات وعلى رأسه المظلة يحملها ريدان الصقلبي المذكور في ترجمة برجوان فدخل القصر بالقاهرة عند اصفرار الشمس ووالده العزيز بين يديه في عمارية وقد خرجت قدماه منها وأدخلت العمارية القصر وتولى غسله القاضي محمد بن النعمان ودفن عند أبيه المعز في حجرة من القصر وكان دفنه عند العشاء الآخرة وأصبح الناس يوم الخميس سلخ الشهر والأحوال مستقيمة وقد نودي في البلد أن لا مؤنة ولا كلفة وقد أمنكم الله تعالى على أموالكم وأرواحكم فمن عارضكم أو نازعكم فقد حل ماله ودمه وكانت ولادة العزيز المذكور يوم الخميس رابع عشر المحرم سنة أربع وأربعين وثلاثمائة بالمهدية من أرض إفريقية وقال الفرغاني في تاريخه الصغير كان مولد العزيز بالله يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم من السنة المذكورة وقال المختار المسبحي صاحب التاريخ المشهور قال لي الحاكم وقد جرى ذكر والده العزيز يا مختار استدعاني والدي قبل موته وهو عاري الجسم وعليه الخرق والضماد فاستدناني وقبلني وضمني إليه وقال وأغمي عليك يا حبيب قلبي ودمعت عيناه ثم قال امض يا سيدي والعب فأنا في عافية قال فمضيت والتهيت بما يلتهي به الصبيان من اللعب إلى أن نقل الله سبحانه وتعالى العزيز إليه قال فبادر إلي برجوان وأنا على جميزة كانت في الدار فقال انزل ويحك الله الله فينا وفيك قال فنزلت فوضع العمامة بالجوهر على رأسي وقبل لي الأرض وقال السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله تعالى
(٣٧٥)