وكان إنشاده إياه هذه القصيدة عند وصول عميد الملك إلى العراق وهو في دست وزارته وعلو منصبه وهذه القصيدة من الشعر الفائق المختار وقد أثبتها بكمالها ما خلا ثلاثة أبيات فإنها لم تعجبني فأهملتها وقد وازن هذه القصيدة جماعة من الشعراء منهم ابن التعاويذي المقدم ذكره وازنه بقصيدته التي أولها (إن كان دينك في الصبابة ديني * فقف المطي برملتي يبرين) وهي من القصائد النادرة وأرسلها من العراق إلى الشام ممتدحا بها السلطان صلاح الدين رحمه الله تعالى ولولا خوف الإطالة لأثبتها ثم ذكرتها في ترجمة صلاح الدين يوسف بن أيوب فتطلب هناك ووازنه أيضا ابن المعلم المقدم ذكره بقصيدته التي أولها (ما وقفة الحادي على يبرين * وهو الخلي من الظباء العين) وهي أيضا قصيدة جيدة وقد ذكرت بعضها في ترجمته وقد وازنها الأبله أيضا وبالجملة فما قاربها إلا ابن التعاويذي وقد خرجنا عن المقصود ولكن انتشر الكلام فلم يكن بد من استيفائه ولم يزل عميد الملك في دولة طغرلبك عظيم الجاه والحرمة إلى أن توفي طغرلبك في التاريخ المذكور في ترجمته وقام في المملكة ابن أخيه ألب أرسلان المقدم ذكره فأقره على حاله وزاد في إكرامه ورتبته ثم إنه سيره إلى خوارزم شاه ليخطب له ابنته فأرجف أعداؤه أنه خطبها لنفسه وشاع ذلك بين الناس فبلغ عميد الملك الخبر فخاف تغير قلب مخدومه عليه فعمد إلى لحيته فحلقها وإلى مذاكيره فجبها فكان ذلك سبب سلامته من ألب أرسلان وقيل إن السلطان خصاه فلما فعل ذلك عمل أبو الحسن علي بن الحسن الباخرزي المذكور في ترجمته قوله (قالوا محا السلطان عنه بعدكم * سمة الفحول وكان قرما صائلا)
(١٤١)