أخبرني بعض علماء الأدب أن بعض الشعراء امتدح فخر الملك بعد هذه القصيدة فأجازه إجازة لم يرضها فجاء الشاعر إلى ابن نباتة وقال له أنت غررتني وأنا ما مدحته إلا ثقة بضمانك فتعطيني ما يليق بمثل قصيدي فأعطاه من عنده شيئا رضي به فبلغ ذلك فخر الملك فسير لابن نباته جملة مستكثرة لهذا السبب ويقرب من معنى هذين البيتين في شدة الوثوق بالعطاء قول المتنبي (وثقنا بأن تعطي فلو لم تجد لنا * لخلناك قد أعطيت من قوة الوهم) ويحكى في هذا المعنى أيضا أن بعض الشعراء مدح بعض الأكابر بقصيدة فلما أصبح كتب إليه (لم أعالجك بالرقاع إلى أن * عاجلتني رقاع أهل الديون) (علموا أنني بمدحك أمسيت * مليا فأصبحوا يرفعوني) ومن جملة مداحه المهيار بن مرزويه الكاتب الشاعر المشهور وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى وفيه يقول قصيدته الرائية التي منها (أرى كبدي وقد بردت قليلا * أمات الهم أم عاش السرور) (أم الأيام خافتني لأني * بفخر الملك منها أستجير) ومدائحه كثيرة ولأجله صنف أبو بكر محمد بن الحسن الحاسب الكرجي كتاب الفخري في الجبر والمقابلة وكتاب الكافي في الحساب ورأيت في بعض المجاميع أن رجلا شيخا رفع إلى فخر الملك المذكور قصة
(١٢٥)