عليا مكانه في دست الوزارة وكان جليلا نبيلا سريا ذا فضائل وفواضل وهو الذي كتب إليه المتنبي الأبيات الخمسة الدالية الموجودة في ديوانه في أثناء مدائح والده ولا حاجة إلى ذكرها وذكره الثعالبي في اليتيمة في ترجمة والده وقال كتب إلى صديق له يستهديه خمرا مستورا عن والده قد اغتنمت الليلة أطال الله بقاءك يا سيدي رقدة من عين الدهر وانتهزت فرصة من فرص العمر وانتظمت مع أصحابي في سمط الثريا فإن لم تحفظ علينا هذا النظام باهداء المدام عدنا كبنات نعش والسلام وذكر له مقاطيع من الشعر ولم يزل أبو الفتح المذكور في وزارة ركن الدولة إلى أن توفي في التاريخ المذكور في ترجمته في حرف الحاء وقام بالأمر ولده مؤيد الدولة فاستوزره أيضا وأقام على ذلك مدة مديدة وكانت بينه وبين الصاحب ابن عباد منافسة ويقال إنه أغرى قلب مؤيد الدولة عليه فظهر له منه التنكر والإعراض وقبض عليه في بعض شهور سنة ست وستين وثلاثمائة وله في اعتقاله أبيات شرح فيها حاله وقال الثعالبي اجتاح ماله وقطع في العقوبة أنفه وجز لحيته وقال غيره وقطع يديه فلما أيس من نفسه وعلم أنه لا مخلص له مما هو فيه ولو بذل جميع ما تحتوي عليه يده فتق جيب جبة كانت عليه واستخرج منها رقعة فيها تذكرة بجميع ما كان له ولوالده من الذخائر والدفائن وألقاها في النار فلما علم أنها احترقت قال للموكل به افعل ما أمرت به فوالله لا يصل إلى صاحبك من أموالنا درهم واحد فما زال يعرضه على أنواع العذاب حتى تلف وكان القبض عليه يوم الأحد ثامن عشر ربيع الآخر سنة ست وستين وثلاثمائة وكانت ولادته سنة سبع وثلاثمائة ولما انصرف أهل خراسان في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة أيام الغزاة من الري بعد الحادثة التي جرت هناك وهي واقعة مشهورة ودفع الله شرها
(١١١)