وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٤ - الصفحة ٨٩
أتاني أبو دهمان الغلابي فقعد على بابي أياما فلما وصل إلي جلس قدامي بين السماطين وقال والله إني لأعرف أقواما لو علموا أن سف التراب يقيم أود أصلابهم لجعلوه مسكة لأرماقهم إيثارا للتنزه عن عيش رقيق الحواشي أما والله إني لبعيد الوثبة بطيء العطفة إنه والله ما يثنيني عليك إلا مثل ما يصرفك عني ولأن أكون مقلا مقربا أحب إلي من أن أكون مكثرا مبعدا والله ما نسأل عملا لا نضبطه ولا مالا إلا ونحن أكثر منه إن هذا الأمر الذي صار في يديك قد كان في يد غيرك فأمسوا والله حديثا إن خيرا فخير وإن شرا فشر فتحبب إلى عباد الله بحسن البشر ولين الحجاب فإن حب عباد الله موصول بحب الله وهم شهداء الله على خلقه ورقباؤه على من أعوج عن سبيله والسلام ولما مات ولده عمرو بن سعيد المذكور رثاه أبو عمرو أشجع بن عمرو السلمي الرقي نزيل البصرة الشاعر المشهور بقوله (مضى ابن سعيد حين لم يبق مشرق * ولا مغرب إلا له فيه مادح) (وما كنت أدري ما فواضل كفه * على الناس حتى غيبته الصفائح) (وأصبح في لحد من الأرض ضيق * وكانت به حيا تضيق الصحاصح) (سأبكيك ما فاضت دموعي فإن تغض * فحسبك مني ما تجن الجوانح) (فما انا من رزء وإن جل جازع * ولا بسور بعد موتك فارح) (كأن لم يمت حي سواك ولم يقم * على أحد إلا عليك النوائح) (لئن حسنت فيك المراثي وذكرها * لقد حسنت من قبل فيك المدائح) وهذه المرثية من محاسن المراثي وهي في كتاب الحماسة والبيت الأخير
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»