(ولقد وقفت على ربوعهم * وطلولها بيد البلى نهب) (فبكيت حتى ضج من لغب * نضوي ولج بعذلي الركب) (وتلفتت عيني فمذ خفيت * عني الطلول تلفت القلب) فمر به شخص وسمعه وهو ينشد الأبيات فقال له هل تعرف هذه الدار لمن هي فقال لا فقال هذه الدار لصاحب هذه الأبيات الشريف الرضي فتعجبا من حسن الاتفاق ولقد أذكرتني هذه الواقعة حكاية هي في معناها ذكرها الحريري في كتاب درة الغواص في أوهام الخواص وهي على ما رواه ان عبيد بن شرية الجرهمي عاش ثلاثمائة سنة وأدرك الإسلام فأسلم ودخل على معاوية بن أبي سفيان بالشام وهو خليفة فقال له حدثني بأعجب ما رأيت فقال مررت ذات يوم بقوم يدفنون ميتا لهم فلما انتهيت إليهم اغرورقت عيناي بالدموع فتمثلت بقول الشاعر (يا قلب إنك من أسماء مغرور * فاذكر وهل ينفعنك اليوم تذكير) (قد بحت بالحب ما تخفيه من أحد * حتى جرت لك أطلاقا محاضير) (فلست تدري وما تدري أعاجلها * أدنى لرشدك أم ما فيه تأخير) (فاستقدر الله خيرا وأرضين به * فبينما العسر إذ دارت مياسير) (وبينما المرء في الأحياء مغتبط * إذا هو الرمس تعفوه الأعاصير) (يبكي الغريب عليه ليس يعرفه * وذو قرابته في الحي مسرور) قال فقال لي رجل أتعرف من يقول هذا الشعر فقلت لا قال إن قائله هو الذي دفناه الساعة وأنت الغريب الذي تبكي عليه ولست
(٤١٧)