يزل عليها إلى أن مات مظفر الدين في التاريخ المذكور في ترجمته في حرف الكاف رحمه الله تعالى واخذ الإمام المستنصر إربل في منتصف شوال من السنة المذكورة فبطل شرف الدين وقعد في بيته والناس يلازمون خدمته على ما بلغني ومكث كذلك إلى أن اخذ التتر مدينة إربل في سابع وعشرين شوال سنة أربع وثلاثين وستمائة وجرى عليها وعلى أهلها ما قد اشتهر فكان شرف الدين في جملة من اعتصم بالقلعة وسلم منهم ولما أنتزح التتر عن القلعة أنتقل إلى الموصل واقام بها في حرمة وافرة وله راتب يصل إليه وكان عنده من الكتب النفيسة شيء كثير ولم يزل على ذلك حتى توفي بالموصل يوم الأحد لخمس خلون من المحرم سنة سبع وثلاثين وستمائة ودفن بالمقبرة السابلة خارج باب الجصاصة ومولده في النصف من شوال سنة أربع وستين وخمسمائة بقلعة إربل وهو من بيت كبير كان فيه جماعة من الرؤساء الأدباء وتولى الاستيفاء بإربل والده وعمه صفي الدين أبو الحسن علي بن المبارك 159 وكان عمه المذكور فاضلا وهو الذي نقل نصيحة الملوك تصنيف حجة الإسلام أبي حامد الغزالي من اللغة الفارسية إلى العربية فإن الغزالي لم يضعها إلا بالفارسية وقد ذكر ذلك شرف الدين في تاريخه وكنت اسمع ذلك أيضا عنه أيام كنت في تلك البلاد وكان ذلك مشهورا بين الناس 160 ولما مات شرف الدين رثاه صاحبنا الشمس أبو العز يوسف بن النفيس الإربلي المعروف بشيطان الشام ومولد شيطان الشام سنة ست وثمانين وخمسمائة بإربل وتوفي بالموصل سادس عشر شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة ودفن بمقبرة باب الجصاصة وفيه يقول (أبا البركات لو درت المنايا * بأنك فرد عصرك لم تصبكا)
(١٥١)