المستنصر بالله ونائبه بها الأمير شمس الدين أبو الفضائل باتكين فأقام مديدة وكان وراءه من يقصده فاتفق أن خرج يوما من بيته قبل الظهر فوثب عليه شخص وضربه بسكين فأخرج حشوته فكتب في تلك الحال إلى باتكين المذكور وهو يكابد الموت (أشكوك يا ملك البسيطة حالة * لم تبق رعبا في عضوا ساكنا) (إن تستبح إبلي لقيطة معشر * ممن أومل غير جأشك مازنا) (ومن العجائب كيف يمسي خائفا * من بات في حرم الخلافة آمنا) ثم توفي بعد ذلك من يومه في يوم الخميس ثاني شوال اثنتين وثلاثين وستمائة ودفن بمقبرة باب الميدان رحمه الله تعالى وتقدير عمره خمسون سنة 144 وباتكين المذكور كان أرمني الجنس وهو مملوك أم الخليفة الإمام الناصر لدين الله ولما أخذ التتر إربل في الدفعة الأولى في أواخر سنة أربع وثلاثين وستمائة رجع إلى بغداد ومات بها يوم الأربعاء الثالث والعشرين من شوال سنة أربعين وستمائة ودفن بالشونيزيه والحاجري بفتح الحاء المهملة وبعد الألف جيم مكسورة وبعدها راء هذه النسبة إلى حاجر وكانت بليدة بالحجاز ولم يبق اليوم منها سوى الآثار ولم يكن الحاجري منها بل لكونه استعملها في شعره كثيرا نسب إليها وهو إربلي الأصل والمولد والمنشأ ولما غلبت عليه هذه النسبة وعرف بها واشتهرت بحيث صارت كالعلم عليه عمل في ذلك دوبيت وهو (لو كنت كفيت من هواك البينا * ما بات يحاكي دمع عيني عينا)
(٥٠٤)