قال فقالت لها العوادة فيضعون ماذا قالت هكذا يصنعون وضربت بيدها إلى الستارة فهتكتها وبرزت كأنها فلقة قمر فألقت نفسها في الماء وعلى رأس محمد غلام يضاهيها في الجمال وبيده مذبة فأتى الموضع ونظر إليها وهي تمر بين الماء وأنشد (أنت التي غرقتني * بعد القضا لو تعلمينا) وألقى نفسه في أثرها فأدار الملاح الحراقة فإذا بهما معتنقان ثم غاصا فلم يريا فاستعظم محمد ذلك وهاله أمره ثم قال يا عمرو لتحدثني حديثا يسليني عن فعل هذين وإلا الحقتك بهما قال فحضرني حديث يزيد بن عبد الملك وقد قعد للمظالم يوما وعرضت عليه القصص فمرت به قصة فيها إن رأى أمير المؤمنين أن يخرج إلي جاريته فلانة حتى تغنيني ثلاثة أصوات فعل فاغتاظ يزيد من ذلك وأمر من يخرج إليه ويأتيه برأسه ثم أتبع الرسول برسول آخر يأمره أن يدخل إليه الرجل فأدخله فلما وقف بين يديه قال له ما الذي حملك على ما صنعت قال الثقة بحلمك والاتكال على عفوك فأمره بالجلوس حتى لم يبق أحد من بني أمية إلا خرج ثم أمر فأخرجت الجارية ومعها عودها فقال لها الفتى غني (أفاطم مهلا بعض هذا التدلل * وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي) فغنته فقال له يزيد قل فقال غني (تألق البرق نجديا فقلت له * يا أيها البرق إني عنك مشغول) فغنته فقال له يزيد قل قال تأمر لي برطل شراب فأمر له فما استتم شربه حتى وثب وصعد على أعلى قبة ليزيد فرمى نفسه على دماغه فمات فقال يزيد إنا لله وإنا إليه راجعون أتراه الأحمق الجاهل ظن أني أخرج إليه جاريتي وأردها إلى ملكي يا غلمان خذوا بيدها واحملوها إلى أهله إن كان له أهل وإلا فبيعوها وتصدقوا بثمنها عنه فانطلقوا بها إلى أهله فلما توسطت الدار نظرت إلى حفيرة في وسط دار يزيد قد أعدت للمطر
(٤٧٢)